كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

وَمن كَانَ لَهُ صُورَة حَسَنَة فعف عَمَّا حرم الله تَعَالَى وَخَالف هَوَاهُ وجمل نَفسه بلباس التَّقْوَى الَّذِي قَالَ الله فِيهِ يَا بني آدم قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير [سُورَة الْأَعْرَاف 26] كَانَ هَذَا الْجمال يُحِبهُ الله وَكَانَ من هَذَا الْوَجْه أفضل مِمَّن لم يُؤْت مثل هَذَا الْجمال مَا لَا يكساه وَجه العَاصِي فَإِن كَانَت خلقته حَسَنَة ازدادت حسنا وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهَا من النُّور وَالْجمال بحسبها
وَأما أهل الْفُجُور فتعلو وُجُوههم ظلمَة الْمعْصِيَة حَتَّى يكسف الْجمال الْمَخْلُوق قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ إِن للحسنة لنورا فِي الْقلب وضياء فِي الْوَجْه وَقُوَّة فِي الْبدن وَزِيَادَة فِي الرزق ومحبة فِي قُلُوب الْخلق وَإِن للسيئة لظلمة فِي الْقلب وغبرة فِي الْوَجْه وضعفا فِي الْبدن ونقصا فِي الرزق وبغضة فِي قُلُوب الْخلق
وَهَذَا يَوْم الْقِيَامَة يكمل حَتَّى يظْهر لكل اُحْدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون وَأما الَّذين ابْيَضَّتْ وُجُوههم فَفِي رَحْمَة الله هم فِيهَا خَالدُونَ [سُورَة آل عمرَان 106 107]
وَقَالَ تَعَالَى وَيَوْم الْقِيَامَة ترى الَّذين كذبُوا على الله وُجُوههم مسودة أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى للمتكبرين [سُورَة الزمر 60]

الصفحة 351