كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

الكبرأقبح النَّاس وُجُوهًا حَتَّى إِن الصِّنْف الَّذِي يكثر ذَلِك فيهم من التّرْك وَنَحْوهم يكون أحدهم أحسن النَّاس صُورَة فِي صغره وأقبح النَّاس صُورَة فِي كبره وَلَيْسَ سَبَب ذَلِك أمرا يعود إِلَى طبيعة الْجِسْم بل الْعَادة المستقيمة تناسب الْأَمر فِي ذَلِك بل سَببه مَا يغلب على احدهم من الْفَاحِشَة وَالظُّلم فَيكون مخنثا ولوطيا وظالما وعونا للظلمة فيكسوه ذَلِك قبح الْوَجْه وشينه
وَمن هَذَا أَن الَّذين قوي فيهم الْعدوان مسخهم الله قردة وَخَنَازِير من الْأُمَم الْمُتَقَدّمَة وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه سَيكون فِي هَذِه الْأمة أَيْضا من يمسخ قردة وَخَنَازِير فَإِن الْعُقُوبَات والمثوبات من جنس السَّيِّئَات والحسنات كَمَا قد بَين ذَلِك فِي غير مَوضِع
وَلَا ريب أَن مَا لَيْسَ محبوبا لله من مسخوطاته وَغَيرهَا تزين فِي نفوس كثير من النَّاس حَتَّى يروها جميلَة وحسنة يَجدونَ فِيهَا من اللَّذَّات مَا يُؤَيّد ذَلِك وَإِن كَانَت اللَّذَّات متضمنة لآلام أعظم مِنْهَا
كَمَا قَالَ تَعَالَى {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء والبنين والقناطير المقنطرة من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْخَيْل المسومة والأنعام والحرث ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالله عِنْده حسن المآب} [سُورَة آل عمرَان 14]
وَقَالَ {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا فَإِن الله يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء} [سُورَة فاطر 8]

الصفحة 366