كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

لم يَفْعَله بِحَال وَلِهَذَا كَانَ كل عَاص لله تَعَالَى جَاهِلا كَمَا قَالَ ذَلِك أَصْحَاب مُحَمَّد ص فَإِنَّهُ لَو كَانَ عَالما حق الْعلم بِمَا فعله لم يفعل الْقَبِيح وَلم يتْرك الْوَاجِب بل قد زين لكل أمة عَمَلهم
لَكِن العَاصِي إِذا كَانَ مَعَه أصل الْإِيمَان فَإِنَّهُ لَا يزين لَهُ عمله من كل وَجه بل يستحسنه من وَجه ويغضه من وَجه وَلَكِن حِين فعله يغلب تَزْيِين الْفِعْل وَلذَلِك قَالَ {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات} [سُورَة آل عمرَان 14] الْآيَة فَإِن هُنَا شَيْئَيْنِ حب الشَّهَوَات وَأَنه زين ذَلِك الْفُحْش وَحسن فَرَأَوْا تِلْكَ الْمحبَّة حَسَنَة فَلذَلِك اسْتَقَرَّتْ هَذِه الْمحبَّة عِنْدهم وتمتعوا بِهَذِهِ المحبات فَإِذا رَأَوْا ذَلِك الْحبّ قبيحا لما يتبعهُ من الضَّرَر لم يسْتَقرّ ذَلِك فِي قُلُوبهم فَإِن رُؤْيَة ذَلِك الْحبّ حسنا يَدْعُو إِلَيْهِ قبيحا ينفر عَنهُ
وَكَذَلِكَ ذكر فِي الْإِيمَان أَنه حببه إِلَى الْمُؤمنِينَ وزينه فِي قُلُوبهم حَتَّى رَأَوْهُ حسنا فَإِن الشئ إِذا حبب وزين لم يتْرك بِحَال

الصفحة 368