كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

قلت هَذَا الْكَلَام لَا يعلم صِحَّته عَن الْجُنَيْد والجنيد أجل من أَن يَقُول مثل هَذَا فَإِن هَذَا الِاضْطِرَاب يكون لجَمِيع الْحَيَوَان ناطقه وأعجمه حَتَّى يكون فِي الْبَهَائِم أَيْضا وَيكون للْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ ثمَّ الِاضْطِرَاب قد يكون لحلاوة الصَّوْت ومحبته وَقد يكون للخوف مِنْهُ وهيبته وَقد يكون للحزن والجزع وَقد يكون للغضب
ثمَّ من الْمَعْلُوم أَن الصَّوْت المسموع لَيْسَ هُوَ ذَاك أصلا وَلَو سمع العَبْد كَلَام الله كَمَا سَمعه مُوسَى بن عمرَان لم يكن سَمَاعه لاصوات الْعباد محركا لذكر ذَلِك بل الْمَأْثُور ان مُوسَى مقت الْآدَمِيّين لما وقر فِي مسامعه من كَلَام الله ثمَّ التَّلَذُّذ بالصوت أَمر طبعي لَا تعلق لَهُ بكونهم سمعُوا صَوت الرب أصلا ثمَّ إِن أحدا لَا يذكر ذَلِك السماع أصلا إِلَّا بِالْإِيمَان وَالنَّاس متنازعون فِي أَخذ الْمِيثَاق وَفِي ذَلِك السماع بِمَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه
ثمَّ إِن مَذْهَب الْجُنَيْد فِي السماع كَرَاهَة التَّكَلُّف لحضوره والاجتماع عَلَيْهِ وَعِنْده أَن من تكلّف السماع فتن بِهِ فَكيف يعلله بِهَذَا
وَقد ذكر أَبُو الْقَاسِم ذَلِك فَقَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت الْحُسَيْن بن أَحْمد بن جَعْفَر سَمِعت أَبَا بكر بن ممشاد سَمِعت الْجُنَيْد يَقُول السماع فتْنَة لمن طلبه ترويح لمن صادفه

الصفحة 380