كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

وَالسّنة وَإِلَّا فَإِن مُجَرّد الِاسْتِحْسَان بالذوق والوجدان إِن لم يشْهد لَهُ الْكتاب وَالسّنة وَإِلَّا كَانَ ضلالا
وَمن هَذَا الْبَاب ضل طوائف من الضَّالّين وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَمن الْمَعْلُوم أَن مثل هَذَا جَمِيعه لَا يجوز أَن يَجْعَل طَرِيقا إِلَى الله وَيجمع عَلَيْهِ عباد الله وَيسْتَحب للمريدين وَجه الله لَان مَا فِيهِ من الضَّرَر هُوَ اضعاف مَا فِيهِ من الْمَنْفَعَة لَهُم وَلَكِن قد صَادف السِّرّ الَّذِي يكون فِي قلبه حق بعض هَذِه المسموعات فَيكون مذكرا لَهُ ومنبها
وَهَذَا معنى قَول الْجُنَيْد السماع فتْنَة لمن طلبه ترويح لمن صادفه
وَأما قَول الْقَائِل السماع وَارِد حق يزعج الْقُلُوب إِلَى الْحق فَمن أصغى إِلَيْهِ بِحَق تحقق وَمن أصغى إِلَيْهِ بِنَفس تزندق فالسماع الْمَوْصُوف أَنه وَارِد حق الَّذِي يزعج الْقُلُوب إِلَى الْحق هُوَ أخص من السماع الَّذِي قد يُوجب التزندق فَالْكَلَام فِي ظَاهره متناقض لِأَن قَائِله أطلق القَوْل بِأَنَّهُ وَارِد حق يزعج الْقُلُوب إِلَى الْحق ثمَّ جعل من أصغى إِلَيْهِ بِنَفس تزندق
ووارد الْحق الَّذِي يزعج الْقُلُوب إِلَى الْحق لَا يكون مُوجبا للتزندق لَكِن قَائِله قصد أَولا السماع الَّذِي يَقْصِدهُ أهل الارادة لوجه الله فلفظه وَإِن كَانَ فِيهِ عُمُوم فَاللَّام لتعريف الْمَعْهُود أَي يزعج قُلُوب أهل هَذِه الْإِرَادَة إِلَى الْحق لكَونه يُحَرك تباكيهم ويهيج باطنهم فتتحرك قُلُوبهم إِلَى الله الَّذِي يُرِيدُونَ وَجهه وَهُوَ إلههم ومعبودهم ومنتهى محبوبهم وَنِهَايَة مطلوبهم

الصفحة 391