كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)
وَأَيْضًا فَهَذَا الإزعاج إِلَى الْحق قد يُقَال إِنَّه إِنَّمَا قد يحصل لمن لم يقْصد الِاسْتِمَاع بل صادفه مصادفة سَماع شئ يُنَاسب حَاله بِمَنْزِلَة الفأل لمن خرج فِي حَاجَة فَأَما من قصد الِاسْتِمَاع إِلَيْهِ والتغني بِهِ فقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ
قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَحكى جَعْفَر بن نصير عَن الْجُنَيْد أَنه قَالَ تنزل الرَّحْمَة على الْفُقَرَاء فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن عِنْد السماع فَإِنَّهُم لَا يسمعُونَ إِلَّا عَن حق وَلَا يقومُونَ إِلَّا عَن وجد وَعند أكل الطَّعَام فَإِنَّهُم لَا يَأْكُلُون إِلَّا عَن فاقة وَعند مجاراة الْعلم فَإِنَّهُم لَا يذكرُونَ إِلَّا صفة الْأَوْلِيَاء
وَذكر عقيب هَذَا فَقَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت الْحُسَيْن بن أَحْمد بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت الْجُنَيْد يَقُول السماع فتْنَة لمن طلبه ترويح لمن صادفه وَذكر بعد هَذَا سَمِعت مُحَمَّد بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت الْجُنَيْد يَقُول إِذا رَأَيْت المريد يحب السماع فَأعْلم أَن فِيهِ بَقِيَّة من البطالة
الصفحة 395
477