كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

الْأَيَّام صَاح صَيْحَة تلفت بهَا نَفسه
فَهَذَا سَماع الذّكر لَا يخْتَص بِسَمَاع الشّعْر الملحن
فَقَوْل الْقَائِل تنزل الرَّحْمَة عَلَيْهِم عِنْد السماع يَصح ان يُرَاد بِهِ هَذَا السماع الْمَشْرُوع
وَقَوله لَا يقومُونَ إِلَّا عَن وجد يَعْنِي أَنهم صَادِقُونَ لَيْسُوا متصنعين بِمَنْزِلَة الْمظهر للوجد من غير حَقِيقَة لَكِن قد يُقَال قَوْله لَا يَسْتَمِعُون إِلَّا عَن حق هَذَا التَّقْيِيد لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي السماع الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ حق بِخِلَاف السماع الْمُحدث فَإِنَّهُ يسمع بِحَق وباطل
فَيُقَال وَكَذَلِكَ سَماع الْقُرْآن وَغَيره قد يكون رِيَاء وَسُمْعَة وَقد يكون بِلَا قلب وَلَا حُضُور وَلَا تدبر وَلَا فهم وَلَا ذوق
وَقد أخبر الله عَن الْمُنَافِقين أَنهم إِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى وَالصَّلَاة مُشْتَمِلَة على السماع الشَّرْعِيّ
وَقد أخبر الله عَن كَرَاهَة الْمُنَافِقين للسماع الشَّرْعِيّ فِي غير مَوضِع كَقَوْلِه {وَإِذا مَا أنزلت سُورَة فَمنهمْ من يَقُول أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا فَأَما الَّذين آمنُوا فزادتهم إِيمَانًا وهم يستبشرون وَأما الَّذين فِي قُلُوبهم مرض فزادتهم رجسا إِلَى رجسهم وماتوا وهم كافرون} إِلَى قَوْله {وَإِذا مَا أنزلت سُورَة نظر بَعضهم إِلَى بعض هَل يراكم من أحد ثمَّ انصرفوا صرف الله قُلُوبهم بِأَنَّهُم قوم لَا يفقهُونَ} [سُورَة التَّوْبَة 124 127] فَهَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ يَنْصَرِفُونَ عَن السماع الشَّرْعِيّ

الصفحة 400