كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

قلت هَذَا القَوْل مُرْسل لم يسْندهُ فَالله أعلم بِهِ فَإِن كَانَ مَحْفُوظًا عَن الشبلي فقد نبهنا على ان الْأَئِمَّة فِي طَرِيق الْحق الَّذين يعْتد بأقوالهم كَمَا يعْتد بأقوال أَئِمَّة الْهدى هم مثل الْجُنَيْد وَسَهل وَنَحْوهمَا فَإِن اقوالهم صادرة عَن أصل وهم مستهدون فِيهَا
وَأما الشبلي وَنَحْوه فَلَا بُد من عرض أَقْوَاله وأحواله على الْحجَّة فَيقبل مِنْهَا مَا وَافق الْحق دون مَا لم يكن كَذَلِك لِأَنَّهُ قد كَانَ يعرض لَهُ زَوَال الْعقل حَتَّى يذهب بِهِ إِلَى المارستان غير مرّة وَقد يخْتَلط اختلاطا دون ذَلِك
وَمن كَانَ بِهَذِهِ الْحَال فَلَا تكون أَقْوَاله وأفعاله فِي مثل هَذِه الْأَحْوَال مِمَّا يعْتَمد عَلَيْهَا فِي طَرِيق الْحق وَلَكِن لَهُ أَقْوَال وأفعال حَسَنَة قد علم حسنها بِالدَّلِيلِ فَتقبل لحسنها فِي نَفسهَا وَإِن كَانَ لَهُ حَال أُخْرَى بِغَيْر عقله أَو اخْتَلَط فِيهَا اَوْ وَقع مِنْهُ مَا لَا يصلح
وَمَعْلُوم أَن الْجُنَيْد شَيْخه هُوَ الإِمَام المتبع فِي الطَّرِيق وَقد أخبر أَن لسَمَاع فتْنَة لمن طلبه فتقليد الْجُنَيْد فِي ذَلِك أولى من تَقْلِيد الشبلي فِي قَوْله ظَاهره فتْنَة وباطنه عِبْرَة إِذْ الْجُنَيْد أَعلَى وَأفضل وَأجل بأتفاق الْمُسلمين وَقد أطلق القَوْل بِأَنَّهُ فتْنَة لطالبه وَهُوَ لَا يُرِيد أَنه فتْنَة فِي الظَّاهِر فَقَط إِذْ من شَأْن الْجُنَيْد أَن يتَكَلَّم على صَلَاح الْقُلُوب

الصفحة 404