كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

وفسادها فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنه يفتن الْقلب لمن طلبه وَهَذَا نهى مِنْهُ وذم لمن يَطْلُبهُ مُطلقًا ومخالفا لما أرسل عَن الشبلي أَنه قَالَ من عرف الْإِشَارَة حل لَهُ السماع بالعبرة
وَهَذَا التَّفْصِيل يضاهي قَول من يَقُول هُوَ مُبَاح أَو حسن للخاصة دون الْعَامَّة وَقد تقدم الْكَلَام على ذَلِك وَأَنه مَرْدُود لِأَن قَائِله اخْتلف قَوْله فِي ذَلِك وَمَا أعلم احدا من الْمَشَايِخ المقبولين يُؤثر عَنهُ فِي السماع نوع رخصَة وَحمد إِلَّا ويؤثر عَنهُ الذَّم وَالْمَنْع فهم فِيهِ كَمَا يذكر عَن كثير من الْعلمَاء أَنْوَاع من مسَائِل الْكَلَام

فَلَا يُوجد عَمَّن لَهُ فِي الْأمة حمد شئ من ذَلِك إِلَّا وَعنهُ مَا يُخَالف ذَلِك وَهَذَا من رَحْمَة الله بعباده الصَّالِحين حَيْثُ يردهم فِي آخر أَمرهم إِلَى الْحق الَّذِي بَعثه بِهِ رَسُوله وَلَا يجعلهم مصرين على مَا يُخَالف الدّين الْمَشْرُوع
كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي صفة الْمُتَّقِينَ الَّذين أعد لَهُم الْجنَّة فَقَالَ وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا انفسهم ذكرُوا الله فآستغفروا لذنوبهم وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله وَلم يصروا على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ أُولَئِكَ جزاؤهم مغْفرَة من رَبهم وجنات تجْرِي من تحتهَا

الصفحة 405