كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

قَالَ وَسُئِلَ ابو يَعْقُوب النهرجوري عَن السماع فَقَالَ حَال يُبْدِي الرُّجُوع إِلَى الْأَسْرَار من حَيْثُ الإحراق
قلت وَهَذَا وصف لما يعقب السماع من الاحوال الْبَاطِنَة وَقُوَّة الْحَرَارَة والإحراق والوجودية وَهَذَا امْر يحسه الْمَرْء ويجده ويذوقه لَكِن لَيْسَ فِي ذَلِك مدح وَلَا ذمّ إِذْ مثل هَذَا يُوجد لعباد الْمَسِيح والصليب وَعباد الْعجل وَعباد الطواغيت وَيُوجد للعشاق وَغير ذَلِك فَإِن لم تكن هَذِه الْأَحْوَال مِمَّا يُحِبهَا الله وَرَسُوله لم تكن محمودة وَلَا ممدوحة
قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَقيل السماع لطف غذَاء الْأَرْوَاح لأهل الْمعرفَة وَهَذَا القَوْل لم يسم قَائِله وَلَا ريب ان السماع فِيهِ غذَاء وَقد قيل إِنَّمَا سمى الْغناء غناء لِأَنَّهُ يُغني النَّفس لَكِن الأغذية والمطاعم مِنْهَا طيب وَمِنْهَا خَبِيث وَلَيْسَ كل مَا استلذه الْإِنْسَان لحسنه يكون طيبا فَإِن أكل الْخِنْزِير يستلذه آكله وشارب الْخمر يستلذها شاربها

الصفحة 407