كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)
فَاضلا فَرُبمَا كَانَ يحضر مَوضِع السماع فَإِن استطابة فرش إزَاره وَجلسَ وَقَالَ الصُّوفِي مَعَ قلبه وَإِن لم يستطبه قَالَ السماع لأرباب الْقُلُوب وَمر وَأخذ نَعْلَيْه
قلت سنتكلم إِن شَاءَ الله على مثل هَذِه الْحَال وَهُوَ الْمَشْي مَعَ طيب الْقلب وَمَا يَذُوق الْإِنْسَان ويجد فِيهِ صَلَاح الْقلب ونبين أَن السلوك الْمُسْتَقيم هَكَذَا من غير اعْتِبَار لطيب الْقلب وَمَا يجده ويذوقه من الْمَنْفَعَة واللذة وَالْجمع على الله وَنَحْو ذَلِك أما ذَلِك الْحَال فَهُوَ مَذْمُوم فِي الْكتاب وَالسّنة ضلال فِي الطَّرِيق وَهُوَ مبدأ ضلال من ضل من الْعباد والنساك والمتصوفة والفقراء وَنَحْوهم وَحَقِيقَته اتِّبَاع الْهوى بِغَيْر هدى من الله وَقد تقدم من كَلَام الْمَشَايِخ فِي ذمّ هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَة
فَإِن مُجَرّد طيب الْقلب لَيْسَ دَلِيلا على أَنه إِنَّمَا طَابَ لما يُحِبهُ الله ويرضاه بل قد يطيب بِمَا لَا يُحِبهُ الله ويرضاه مِمَّا يكرههُ أَولا يكرههُ أَيْضا لَا سِيمَا الْقُلُوب الَّتِي أشربت حب الْأَصْوَات الملحنة فقد قَالَ عبد الله بن مَسْعُود الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقُلُوب كَمَا ينْبت المَاء البقل
الصفحة 413
477