كتاب الاستقامة (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خسارا [سُورَة الْإِسْرَاء 82]
وَمَعْلُوم أَن التَّوْبَة هِيَ جماع الرُّجُوع من السَّيِّئَات إِلَى الْحَسَنَات وَلِهَذَا لَا يحبط جَمِيع السَّيِّئَات إِلَّا التَّوْبَة وَالرِّدَّة هِيَ جماع الرُّجُوع من الْحَسَنَات إِلَى السَّيِّئَات وَلِهَذَا لَا يحبط جَمِيع الْحَسَنَات إِلَّا الرِّدَّة عَن الْإِيمَان
وَكَذَلِكَ مَا ذَكرْنَاهُ فِي تفَاوت السَّيِّئَات هُوَ فِي الْكفْر وَالْفِسْق والعصيان فالكفار بَعضهم دون بعض وَلِهَذَا يذكر الْفُقَهَاء فِي بَاب الرِّدَّة وَالْإِسْلَام انْتِقَال الرجل كَأحد الزَّوْجَيْنِ من دين إِلَى دين آخر انْتِقَال إِلَى دين خير من دينه أَو دون دينه أَو مثل دينه فَيَقُولُونَ إِذا صَار الْكِتَابِيّ مجوسيا أَو مُشْركًا فقد انْتقل إِلَى شَرّ من دينه وَإِذا صَار الْمُشرك أَو الْمَجُوسِيّ كتابيا فقد انْتقل إِلَى خير من دينه وَإِذا تهود النَّصْرَانِي أَو بِالْعَكْسِ فقد انْتقل إِلَى نَظِير دينه والتمجس يقر عَلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ وَأما الْإِشْرَاك فَلَا يقر عَلَيْهِ إِلَّا بعض النَّاس عِنْد بعض الْعلمَاء والصابئة نَوْعَانِ عِنْد الْمُحَقِّقين وعَلى قَوْلَيْنِ عِنْد آخَرين وَمَعْرِفَة مَرَاتِب الْأَدْيَان مُحْتَاج إِلَيْهَا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة لمعْرِفَة مَرَاتِب الْحَسَنَات
وَالْفُقَهَاء يذكرُونَ ذَلِك لأجل معرفَة أحكامهم وتناكحهم وذبائحهم وَفِي دِمَائِهِمْ وقتالهم وإقرارهم بالجزية المضروبة عَلَيْهِم وَنَحْو ذَلِك من الْأَحْكَام الَّتِي جَاءَ بهَا الْكتاب وَالسّنة فِي أهل الْملَل والأحزاب

الصفحة 463