كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ نزلت فِي سعد بن أَبِي وَقَّاص- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- وَفِي رَجُل من الأنصار يُقَالُ لَهُ عتبان بن مَالِك الأنصاري، وذلك أن الْأَنْصَارِيّ صنع طعاما وشوى رأس بعير ودعا سعد بن أبي وَقَّاص إلى الطعام وهذا قبل التحريم فأكلوا وشربوا حَتَّى انتشوا وقالوا الشعر، فقام الْأَنْصَارِيّ إلى سعد فأخذ إحدى لحيي البعير فضرب به وجهه فشجه فانطلق سعد مستعديا إلى رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنزل تحريم الخمر، فَقَالَ- سُبْحَانَهُ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ «1» يعني به القمار كله وَالْأَنْصابُ يعني الحجارة التي كانوا ينصبونها ويذبحون لها وَالْأَزْلامُ يعني القدحين الَّذِين كانوا يعملون بهما رِجْسٌ يعني إثم مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ يعني من تزيين الشَّيْطَان ومثله فِي القصص قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ «2» فَاجْتَنِبُوهُ فهذا النهي للتحريم «3» ، كَمَا قَالَ- سُبْحَانَهُ-: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ «4» فَإنَّهُ حرام:
كذلك فاجتنبوا الخمر فَإِنَّهَا حرام لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- 90- يعني لكي إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ يعني أن يغري بينكم العداوة وَالْبَغْضاءَ الَّذِي كان بين سعد وَبَيْنَ الْأَنْصَارِيّ حَتَّى كسر أنف سعد فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ورث ذَلِكَ العداوة والبغضاء وَيريد الشَّيْطَان أن يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ يَقُولُ إذا سكرتم لَمْ تذكروا اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وَعَنِ الصَّلاةِ يَقُولُ إذا سكرتم لَمْ تصلوا فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ- 91- فهذا وعيد بعد النهي والتحريم قَالُوا انتهينا يا ربنا.
فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «يا أيها الذين آمنوا إن الله حرم عليكم
__________
(1) ورد ذلك فى أسباب النزول للواحدي: 118، وساق رواية أخرى طويلة فى سبب نزول الآية، وأورد السيوطي فى لباب النقول: 96 عدة روايات فى أسباب نزول هذه الآية وما بعدها. [.....]
(2) سورة القصص: 15.
(3) فى أ: والتحريم.
(4) سورة الحج: 30.
الصفحة 501
604