كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ أنها سميت الكعبة لأنها منفردة من البنيان وكل منفرد من البنيان فهو فِي كَلام العرب الكعبة. قَالَ أَبُو محمد: قَالَ ثعلب: العرب تسمى كُلّ بيت مربع الكعبة قِياماً لِلنَّاسِ يعني أرض الحرم أمنا لهم وحياة لهم فِي الْجَاهِلِيَّة.
قَالَ: كان أحدهم إذا أصاب ذنبا أَوْ أحدث حدثا يخاف عَلَى نفسه دخل الحرم فأمن فِيهِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ قال: كان الرجل إذا أراد سفرا نظر فِي أمره فَإِن كان السَّفَر الَّذِي يريده يعلم أنه يذهب ويرجع قبل أن يمضي الشهر الحرام توجه آمنا، وَلَم يقلد نفسه وَلا راحلته، وإن كان يعلم أنه لا يقدر عَلَى الرجوع حَتَّى يمضي الشهر الحرام قلد نفسه وبعيره من لحا شجر الحرم فيأمن به حيث ما توجه من البلاد، فَمنْ ثُمّ قَالَ- سُبْحَانَهُ-: وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ كُلّ ذَلِكَ كان قواما لهم وأمنا في الجاهلية نظيرها فى أول السورة. ذلِكَ يَقُولُ هَذَا لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ قبل أن يكونا ويعلم أَنَّهُ سيكون من أمركم الَّذِي كان وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ من أعمال العباد عَلِيمٌ- 97- ثُمّ خوفهم ألا يستحلوا الغارة فِي حُجّاج اليمامة يعني شريحا وأصحابه فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ إذا عاقب وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ- 98- لمن أطاعه بعد النهي ثُمّ قَالَ- عَزَّ وجل-: ما عَلَى الرَّسُولِ محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا الْبَلاغُ فِي أمر حُجّاج اليمامة شُرَيْح بن ضبيعة وأصحابه وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ يعني ما تعلنون بألسنتكم وَما تَكْتُمُونَ- 99- من أمر حجاج اليمامة والغارة عليهم قُلْ لهم يا محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ يعني بالخبيث الحرام والطيب الحلال نزلت فِي حُجّاج اليمامة حين أراد المؤمنون الغارة عليهم وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ يعني الحرام، ثُمّ حذرهم فَقَالَ- سُبْحَانَهُ-: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تستحلوا منهم محرما يَا أُولِي الْأَلْبابِ يعنى يا أهل اللب والعقل لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
الصفحة 507
604