كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)
يعني بالعظيم الشديد يوم الْقِيَامَة وَقَدْ نسخت- «إِنَّا فَتَحْنا» : «إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» يعني الشديد يوم الْقِيَامَة «1» .
مَنْ يُصْرَفْ اللَّه عَنْهُ العذاب يَوْمَئِذٍ يوم الْقِيَامَة فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الصرف يعني صرف العذاب الْفَوْزُ الْمُبِينُ- 16- يعني النجاة العظيمة المبينة ثُمّ خوف النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليتمسك بدين اللَّه- تعالى- فقال:
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ يعني يصبك اللَّه بضر يعني بلاء وشدة فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ يَقُولُ لا يقدر أحد من الآلهة وَلا غَيْرهُمْ كشف الضر إِلَّا اللَّه وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ يعني يصبك بفضل وعافية فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ- 17- من ضر وخير وأنزل اللَّه فِي قولهم «قُلْ» يا محمد «إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» يعني يعبدون من دون اللَّه من الآلهة «قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ» فِي ترك دين اللَّه «قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً» إن اتبعت دينكم «وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» يعنى من المرشدين. و «قُلْ» لهم «إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي» «2» يعني عَلَى بيان من ربي. وأنزل اللَّه فى ذلك: «قُلْ لهم أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا ... » إلى آخر السورة وَهُوَ الْقاهِرُ «3» لخلقه فَوْقَ عِبادِهِ قد علاهم وقهرهم وَهُوَ الْحَكِيمُ فِي أمره الْخَبِيرُ- 18- بخلقه.
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي- صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أما وجد اللَّه رسولا غيرك ما نرى أحدا يصدقك بما تَقُولُ وقد
__________
(1) كان النبي لا يدرى ما يفعل به فى الآخرة أعذاب أم نعيم، فلما نزلت: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» . نسخت جميع الآيات التي تتحدث عن خوف النبي من عذاب الآخرة.
هذا رأى مقاتل. وفيه مبالغة فى التقول بالنسخ فلا تعارض بين الآيتين. فهناك مقام الخوف ومقام الرجاء وكلاهما جناحان لا زمان لسير العبد فى الدنيا آملا فى رحمة الله خائفا من عقابه.
وقريب من هذا ما ورد فى كتاب الخوف والرجاء، الوارد فى كتاب إحياء علوم الدين للغزالى.
(2) سورة الأنعام: 56- 57.
(3) سورة الأنعام: 164- 165.
الصفحة 553
604