كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)
يعني كفار قريش هؤلاء الرؤساء تمنوا فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا يعني القرآن بأنه من الله وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- 27- يعني المصدقين بالقرآن في قولهم بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وذلك أنهم حين قالوا: وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ أوحى الله إلى الجوارح فشهدت عليهم بما كتموا من الشرك فذلك قوله: «بَلْ بَدا لَهُمْ» يعني ظهر لهم من الجوارح «مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ» بألسنتهم من قبل أن تنطق الجوارح بالشرك فتمنوا عند ذلك الرجعة إلى الدنيا «فَقالُوا: يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ... » إلى آخر الآية، فأخبر الله عنهم فقال: وَلَوْ رُدُّوا إلى الدنيا كما تمنوا وعمروا فيها لَعادُوا لِما يعني «لرجعوا لما» «1» نُهُوا عَنْهُ من الشرك والتكذيب وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ
- 28- في قولهم حين قالوا «وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» بالقرآن. لما أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم- كفار مكة بالبعث كذبوه وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ- 29- بعد الموت، فأخبر الله بمنزلتهم في الآخرة فقال: وَلَوْ تَرى يا محمد إِذْ وُقِفُوا يعني عرضوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا إنه الحق قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ- 30- بالعذاب بأنه غير كائن نظيرها في الأحقاف «2» .
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ يعني بالبعث حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً يعني يوم القيامة بغتة يعني فجأة قالُوا يا حَسْرَتَنا يعني كفار قريش عَلى مَا فَرَّطْنا فِيها يقولون «3» يا ندامتنا على ما ضيعنا في الدنيا من ذكر الله، ثم قال: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ مَا يَزِرُونَ- 31- وذلك أن الكافر إذا بعث
__________
(1) ما بين القوسين « ... » زيادة اقتضاها السياق لتوضيح المعنى.
(2) يشير إلى الآية 34 من سورة الأحقاف وهي: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ.
(3) فى أ: يقول.
الصفحة 557
604