كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)

وذلك قبل كفار مكة لأن كفار مكة قالوا: يا محمد ما يمنعك أن تأتينا بآية كما كانت الأنبياء تجيء بها إلى قومهم، فإن فعلت صدقناك وإلا فأنت كاذب. فأنزل الله يعزي نبيه- صلى الله عليه وسلم- ليصبر على تكذيبهم إياه وأن يقتدي بالرسل قبله «وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ» «1» فَصَبَرُوا عَلى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا في هلاك قومهم، وأهل مكة بمنزلتهم فذلك قوله:
وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ يعني لا تبديل لقول الله بأنه ناصر محمد- صلى الله عليه وسلم-، ألا وقوله حق كما نصر الأنبياء قبله وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ يعني من حديث الْمُرْسَلِينَ- 34- حين كذبوا وأوذوا ثم نصروا وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ يعني ثقل عليك إِعْراضُهُمْ عن الهدى ولم تصبر على تكذيبهم إياك فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ يعنى سربا أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ أي فإن لم تستطع فأت بسلم ترقى فيه إلى السماء فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ فافعل إن استطعت «2» .
ثم عزى نبيه- صلى الله عليه وسلم- ليصبر على تكذيبهم فقال: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ- 35- فإن الله لو شاء لجعلهم مهتدين، ثم ذكر إيمان المؤمنين فقال: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الهدى يعني القرآن، ثم قال: وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ يعني كفار مكة يبعثهم الله في الآخرة ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ- 36- يعني يردون فيجزيهم وَقالُوا لَوْلا يعني هلا نُزِّلَ عَلَيْهِ محمد كما أنزل على الأنبياء آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ للكفار إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ- 37- بأن الله قادر على أن ينزلها
__________
(1) فى أ: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك إلى قوله «أَتاهُمْ نَصْرُنا» . والمثبت من ل.
(2) المعنى: أنك لا تستطيع ذلك فاصبر حتى يحكم الله. الجلالين. [.....]

الصفحة 559