كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)

العذاب منه في الدنيا وهو القتل ببدر، ومنه في الآخرة نار جهنم، وذلك قوله:
وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ- 67- أوعدهم العذاب مثلها في «اقتربت» وَإِذا رَأَيْتَ يعني سمعت يا محمد الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا يعنى يستهزءون بالقرآن وقالوا ما لا يصلح قال الله لنبيه- صلى الله عليه وسلم-: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ يعني فقم عنهم لا تجالسهم حتى يكون حديثهم في غير أمر الله وذكره وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ يقول فإن أنساك الشيطان فجالستهم بعد النهي فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى يقول إذا ذكرت فلا تقعد مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ- 68- يعني المشركين، فقال المؤمنون عند ذلك، لو قمنا عنهم إذا خاضوا واستهزءوا فإنا نخشى الإثم في مجالستهم يعني حين لا نغير عليهم «1» فأنزل الله وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ يعني يوحدون الرب مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ يعني من مجازاة عقوبة خوضهم واستهزائهم من شيء، ثم قال: وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ- 69- إذا قمتم عنهم منعهم من الخوض والاستهزاء الحياء منكم والرغبة في مجالستكم فيذكرون قيامكم عنهم ويتركون الخوض والاستهزاء ثم نسختها الآية التي في النساء «2» وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... الآية «3» .
__________
(1) فى أ: إنا تخشى فى مجالستهم الإثم يعنى حين لا نغير عليهم.
وفى تفسير القرطبي ص 179: روى أن المسلمين قالوا: لئن كنا نقوم كلما استهزءوا بالقرآن لم نستطيع أن نجلس فى المسجد الحرام ونطوف فنزلت:
وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا.. سورة الأنعام: 70.
(2) وهذه أيضا لأنسخ فيها وإنما هو تقييد المطلق فسماه مقاتل نسخا على مقتضى مدلول النسخ عنده فإنه يطلق النسخ على تقييد المطلق أو تخصيص العام أو تفسير المجمل. كما يطلق على التدرج فى التشريع نسخا.
(3) سورة النساء: 140 وتمامها:.. إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً.

الصفحة 567