كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)
وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ الإسلام لَعِباً يعني باطلا وَلَهْواً يعني لهوًا عنه وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا عن دينهم الإسلام وَذَكِّرْ بِهِ يعني وعظ بالقرآن أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ يعني لئلا تبسل نفس بِما كَسَبَتْ يعني بما عملت من الشرك والتكذيب فترتهن بعملها في النار لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ يعني قريبًا ينفعهم وَلا شَفِيعٌ في الآخرة يشفع لهم وَإِنْ تَعْدِلْ يعني فتفتدي هذه النفس المرتهنة بعملها كُلَّ عَدْلٍ فتعطى كل فداء: ملء الأرض ذهبًا لا يُؤْخَذْ مِنْها يعني لا يقبل منها أُولئِكَ يعنيهم الَّذِينَ أُبْسِلُوا يعني حبسوا في النار بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني النار التي قد انتهى حرها وَعَذابٌ أَلِيمٌ يعنى وجيع بِما كانُوا يَكْفُرُونَ- 70- قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا [119 أ] وذلك أن كفار مكة عذبوا نفرًا من المسلمين على الإسلام وأرادوهم على الكفر يقول الله لنبيه- صلى الله عليه وسلم- قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من آلهة يعني الأوثان مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً «1» في الآخرة ولا يملك لنا ضرًا في الدنيا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا يعني ونرجع إلى الشرك بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ إلى دينه الإسلام فهذا قول المسلمين للكفار حين قالوا لهم اتركوا دين محمد- صلى الله عليه وسلم- واتبعوا ديننا. يقول الله للمؤمنين ردوا عليهم فإن مثلنا إن اتبعناكم وتركنا ديننا كان مثلنا كَالَّذِي «2» اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ وأصحابه على الطريق يدعونه إلى الهدى أن ائتنا فإنا على الطريق فأبى ذلك الرجل أن يأتيهم فذلك مثلنا أن تركنا دين محمد- صلى الله عليه وسلم- ونحن على طريق الإسلام وأما الذي استهوته الشياطين يعنى أضلته فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لا يدري أين يتوجه فإنه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أضلته الشياطين عن الهدى فهو حيران لَهُ أَصْحابٌ
__________
(1) سورة المائدة: 76.
(2) فى أ: كمثل الذي.
الصفحة 568
604