كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)
غُلام يفسد آلهة أَهْل الأرض ويدعو إلى غَيْر آلهتكم ويكون هلاك ملكك وهلاك أَهْل بيتك بسببه، فَقَالَ نمروذ: إن دواء هَذَا لهين نعزل الرجال عن النّساء، ونعمد إلى كُلّ غُلام يولد فِي هَذِهِ السنة فنقتله إلى أن تنقضي السنة. فقالوا:
إن فعلت ذَلِكَ وإلا كان الَّذِي قُلْنَا لك. فعمد نمروذ [119 ب] فجعل عَلَى كُلّ عشرة رجال رَجُلا، وقَالَ لهم: إذا طهرت المرأة فحولوا بينها وبَيْنَ زوجها إلى أن تحيض ثُمّ يرجع إلى امرأته إلى أن تطهر ثُمّ يحال بَيْنَهُمَا فرجع آزر إلى امرأته فجامعها عَلَى طهر فحملت، قَالَت الكهنة: قَدْ حمل به الليلة. قَالَ نمروذ:
انظروا إلى كُلّ امرأة استبان حملها فخلوا سبيلها، وانظروا بقيتهن. فَلَمَّا دنا مخاض أم إِبْرَاهِيم- عَلَيْه السَّلام- دنت إلى نهر يابس «1» فولدت فِيهِ ثُمّ لفته فِي خرقة فوضعته فِي حلفا ثُمّ رجعت إلى بيتها، فأخبرت زوجها بمكانه، فعمد أبوه فحفر لَهُ سربا فِي الأرض ثُمّ جعله فِيهِ وسد عَلَيْه بصخرة مخافة السباع فكانت أُمّه تختلف إِلَيْهِ وترضعه حَتَّى فطمته «2» وعقل، وكان ينبت فِي اليوم نبات شهر، وَفِي الشهر نبات سنة، وَفِي السنة نبات سنتين، فَقَالَ لأمه: من ربي؟ قَالَتْ: أَنَا. قَالَ: من ربك؟ قَالَتْ: أبوك؟ قَالَ: فَمنْ رب أَبِي؟ فضربته، وقالت لَهُ: اسكت فسكت الصبي، ورجعت إلى زوجها، فقالت: أرأيت الغلام الَّذِي كُنَّا نخبر أَنَّهُ يغير دين أَهْل الأرض؟ فهو ابْنَك وأخبرته الخبر فأتاه أبوه وهو فِي السرب، فَقَالَ:
يا أبت، من ربي؟ قَالَ: أمك. قَالَ: فَمنْ رب أمي؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ فَمنْ ربك؟
فضربه، وقَالَ لَهُ: اسكت وَكَذلِكَ يعنى هكذا نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ يعنى خلق السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما بَيْنَهُمَا من الآيات وَلِيَكُونَ إِبْرَاهِيم مِنَ الْمُوقِنِينَ
__________
(1) فى م: بإنس، وبدون إعجام فى أ، ل.
(2) هذا من الإسرائيليات التي وضعها مقاتل فى تفسيره ولا سند لها من كتاب أو سنة.
الصفحة 570
604