كتاب تفسير مقاتل بن سليمان (اسم الجزء: 1)

وهو يقول لهم أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ يعني أرواحكم منهم أَبُو جهل وعتبة بن رَبِيعَة وشيبة والوليد بن عُتْبَة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث
__________
وقد تمسك المستشرقون بهذه الروايات التي ذكرها مقاتل وأمثاله وحرصوا على التعليق عليها «كما فى كتاب المصاحف لأبى داود» وغيره ليشككوا فى ثبوت القرآن ومدى حجية كل حرف فيه. وهي دعوة مغرضة يجب أن نتنبه لها ونفند مغالطتها فليس فى العالم كله كتاب هيئ له من وسائل الحفظ والصون لكل كلمة من كلماته ولكل حرف من حروفه ما هيئ للقرآن الكريم. وصدق الله العظيم: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ سورة الحجر: 9.
وأخيرا فإن أحسن روايات الحديث هي الرواية الثانية للواحدي وتمامها: «نزلت فى عبد الله بن سعد ابن أبى سرح قال: سأنزل مثل ما نزل الله، وارتد عن الإسلام فلما دخل رسول الله (ص) مكة أتى به عثمان رسول الله (ص) فاستأمن له» وهذه الرواية ليس فيها طعن فى ثبوت آيات القرآن ولا ذكر لتحريفه.
وفى هذا المقام يجب التنبيه إلى أن هناك مرويات فى كتب السنة تؤكد ما رواه مقاتل. ولكن إذا علمنا أن شرط الحديث الصحيح سلامة سنده وسلامة متنه من الشذوذ والعلة القادحة فهذه الأحاديث وإن قبلت شكلا لسلامة سندها رفضت موضوعا لمخالفتها ما ثبت بالتواتر واليقين.
فقد ذكر السيوطي فى كتابه الإتقان «فى صدر الحروف السبع التي نزل بها القرآن» قال: روى أبو داود عن أبى بن كعب، قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما ما لم تخلط آية عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب.
وعند أحمد من حديث أبى هريرة أنزل القرآن على سبعة أحرف: عليما حكيما، غفورا رحيما.
وعنده أيضا من حديث عمر بأن كله صواب ما لم تجعل مغفرة عذابا، وعذابا مغفرة. قال وأسانيدها جياد.
إن المستشرقين قد تلقفوا هذه الأحاديث وبنوا عليها ركاما هائلا من تشكيك المسلمين فى حجية كتابهم وتواتره.
مع أن هذه الروايات تخالف المقطوع به من الأمة سلفا عن خلف. وتراثنا العلمى فى حاجة إلى يقظة وتحقيق وتنقية.

الصفحة 578