كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

فقال الفتى: لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه إلّا برضا أمّي فردّها إلى امّه وأخبرها بالثّمن فقالت:
ارجع فبعها ستّة على رضاي فانطلق الفتى بالبقرة إلى السوق وأتى الملك وقال: استأمرت والدتك؟
فقال الفتى: انّها أمرتني أن لا أنقصها من ستة على أن أستأمرها. قال الملك: فإنني أعطيك اثني عشر على أن لا تستأمرها.
فأتى الفتى ورجع إلى أمّه وأخبرها بذلك قالت: إنّ ذلك الرجل الّذي يأتيك ويعطيك هو ملك من الملائكة يأتيك في صورة آدمي ليجرّبك فإذا أتاك فقل له أتأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا؟
ففعل ذلك فقال له الملك: اذهب إلى أمّك وقل لها بكم هذه البقرة؟ فإنّ موسى بن عمران يشتريها منكم لقتيل يقتل من بني إسرائيل فلا تبيعوها إلّا بملء مسكها دنانير فأمسكوا البقرة، وقدر الله على بني إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها وأمرهم بها فقالوا يستوصفون ويصف لهم حتّى وصف تلك البقرة بعينها موافاة له على برّه بوالدته فضلا منه.
فضلا منه ورحمة وذلك قوله عزّ وجلّ ادْعُ لَنا رَبَّكَ أيّ سل وهكذا هو في مصحف عبد الله، سلّ لنّا ربّك يبين لنا ما هي؟ وما سنّها؟ قالَ موسى: إِنَّهُ يعني إن الله يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ لا كبيرة ولا صغيرة وارتفع البكر والفارض بإضمار هي إذ لا هي فارض ولا هي بكر.
مجاهد وأبو عبيدة والأخفش: الفارض الكبيرة المسنّة التي لا تلد يقال له: فرضت- تفرض- فروضا.
قال الشاعر:
كميت بهيم اللون ليس بفارض ... ولا بعوان ذات لون مخصف «1»
وقال الرّاجز:
يا ربّ ذي ضغن عليّ فارض ... له قروء كقروء الحائض «2»
أيّ حقد قديم، والبكر: الفتية الصغيرة التي لم تلد قط.
وقال السّدي: البكر: التي لم تلد إلّا ولدا واحدا وحذف الحاء منها للاختصاص.
عَوانٌ نصف بين سنّين، وقال الأخفش: العوان التي نتجت مرارا وجمعه عون، ويقال منه: عونت تعوينا.
__________
(1) تفسير القرطبي: 1/ 449،. لسان العرب: 7/ 204.
(2) أحكام القرآن للجصاص: 1/ 441.

الصفحة 216