كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

والوجه الثاني: تجعله في جملة المنسوخ كقولك: طردت الرّجل إذا نفيته وأطردته جعلته طريدا. قال الشاعر:
طردتني حسد الهجاء حيفاء ... واللّات والأصنام ما قالوا تنل
أو ننسها «1» : فيه تسع قراءات:
قرأ سعيد بن المسيب وأبو جعفر وشيبة ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب: نُنْسِها بضمّ النون وكسر السّين. وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم أي: ننسها نسيا قاله أكثر المفسرين.
قال الحسن: هو ما أنسى الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
قال ابن عبّاس: أي نتركها ولا نبدّلها قال الله: نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ «2» وقال الله تعالى:
كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى «3» . كلّ هذا من التّرك كانّه جعل أنسى ونسي بمعنى واحد.
قال الكلبي وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا منصور الأزهري يقول: معناه أو نأمر بتركها يقال أنسيت الشيء أي أمرت بتركه.
قال الشّاعر:
جرت عليّ قصة أقصيتها ... لست بناسيها مجمع ولا منسيها
أي ولا آمر بتركها.
وقرأ أبي بن كعب: أو ننسيك.
وقرأ عبد الله: ننسيك من آية أو ننسخها.
قرأ سالم مولى حذيفة: أو ننسّكها.
وقرأ أبو رجاء: أو ننسّها بالتشديد، وقرأ الضحّاك: أو نُنسَها بضم التاء وفتح السين على مجهول، وقرأ سعد بن أبي وقّاص: أو تَنسها بتاء المفتوحة من النسيان، وعن القاسم بن الربيع ابن فائق قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: بالنسخ من آية أو ننسها.
قال: فقلت له: إنّ سعيد بن المسيّب يقرأ: نُنْسِها. قال: إنّ القرآن لم ينزل على آل المسيّب.
__________
(1) في هامش المخطوطة: عن قلبك أي نتركها.
(2) سورة التوبة: 67.
(3) سورة طه: 126.

الصفحة 255