كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 1)

فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "زادك الله حرصا ولا تعد".

-[المعنى العام]-
علم الصحابة فضل صلاة الجماعة وفضل الدخول فيها من أولها وحرصوا على إدراك الإمام في أكبر قدر ممكن منها، وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واسعا، وكانت مسافة بين بابه وبين مكان الصلاة، ودخل أبو بكرة المسجد متوضئا، ورأى أن الصلاة قد أقيمت، وأن الإمام كاد يركع، أو قد ركع بالفعل، فانطلق يجري حتى اضطربت نفسه، ولم ينتظر حتى يصل إلى الصف، ويقف ثابتا فيه ثم يكبر، لكنه كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يصل إلى الصف بخطوات، ثم انحنى وركع وهو بعيد عن الصف، ومشى خطوات منحنيا حتى وصل إلى الصف، وصوت نفسه يتردد ويسمع، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهى معه أبو بكرة والصحابة قال صلى الله عليه وسلم: أيكم الساعي؟ أيكم الراكع دون الصف؟ أيكم دخل الصف وهو راكع؟ أيكم صاحب هذا النفس؟ قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله. خشيت أن تفوتني الركعة معك. وكانت أخطاء أبي بكرة ثلاثة. السعي الشديد، والركوع دون الصف، والمشي إلى الصف راكعا، وكان لابد من نهيه عن مثل هذه الأخطاء وطلب عدم العود، لكن دافعه إلى ذلك محمود مشكور، فكان من الإنصاف الدعاء له بالخير "زادك الله حرصا" على فضيلة الجماعة، ولا تعد لأي من الأخطاء الثلاثة.

-[المباحث العربية]-
(أبو بكرة) كنية لهذا الصحابي واسمه نفيع بن الحارث بن كلدة من فضلاء الصحابة بالبصرة.
(أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم) في الكلام حذف، أي انتهى إلى صفوف جماعة النبي صلى الله عليه وسلم.
(وهو راكع) "هو" ضمير رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم مبتدأ، وخبره "راكع"

الصفحة 176