كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 1)

40 - عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف".

-[المعنى العام]-
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد إلى بيت عائشة فوجد عجوزين تناقشان عائشة في عذاب القبر، كانتا من يهود المدينة، وكانتا تخدمان عائشة، وكانتا تستعيذان من عذاب القبر، وكانت عائشة تكذبهما وتقول: أفي القبر عذاب؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوافق عائشة على إنكاره حيث لم ينزل بذلك وحي، ويخشى أن يكون الخبر من صنع اليهود لفتنة المؤمنين. ونزل الوحي وهو في المسجد، بأن عذاب القبر حق، ورجع ليجد العجوزين تناقشان عائشة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقيهما يا عائشة لقد أوحي إلي أن عذاب القبر حق.
تقول عائشة: فما رأيته صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يصلي إلا ويستعيذ في صلاته من عذاب القبر، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستعاذات كما يعلمهم القرآن وكان يرفع بها صوته في الصلاة، لتعليمهم وليقتدوا به، كان يقول لهم: استعيذوا بالله في صلاتكم بعد نهاية التشهد الأخير، وقبل السلام، من أربع: عذاب القبر، ومن فتنة وامتحان نزول المسيح الدجال، وممن فتنة الحياة وزينتها وزخارف الدنيا وملذاتها وشهواتها، ومن فتنة الممات والخاتمة وكان صلى الله عليه وسلم يكثر أمام أصحابه من الاستعاذة من المأثم والمغرم، أي من الإثم والعصيان ومن غلبة الدين والغرامات المالية، التي لا يقدر على أدائها. فقيل له: يا رسول الله. ما أكثر ما تستعيذ من المغرم. فما خطره الذي أزعجك حتى أكثرت من الاستعاذة منه؟ قال صلى الله عليه وسلم: إن المغرم باب شر كبير، لأن الرجل إذا

الصفحة 179