كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 1)

(وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) المحيا والممات مصدران ميميان بمعنى الحياة والموت، ويحتمل زمان ذلك، أي الفتنة زمن الحياة، من شهوات الدنيا والجهالات، والفتنة زمن الاحتضار من سوء الخاتمة والعياذ بالله.
(اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) أي من الإثم الذي يجر إلى الذم والعقوبة، أي أعوذ بك من الوقوع في الذنب و"المغرم" الدين، يقال: غرم الرجل بكسر الراء، إذا استدان فيما لا يجوز، وفيما يجوز، ثم يعجز عن الأداء، فالاستعاذة من غلبة الدين، وقيل: المغرم ما يصيب الإنسان في ماله من ضرر بغير جناية منه، وكذا ما يلزمه أداؤه من غير جناية منه.
(ما أكثر ما تستعيذ من المغرم) "ما" الأولى تعجبية، و"ما" الثانية مصدرية أي ما أكثر استعاذتك من المغرم.

-[فقه الحديث]-
اختلف العلماء في عذاب القبر، هل يقع على الروح فقط، أو عليها وعلى الجسد؟ أو على الجسد وحده؟ جمهور العلماء أنه يقع على الروح والجسد واستدلوا بالحديث "إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم" وبحديث "إنه ليسمع خفق نعالهم" وحديث "تختلف أضلاعه لضمة القبر" وحديث "يضرب بين أذنيه" وحديث "فيقعدانه" مما يدل على عذاب الروح والجسد، فإن عذاب الروح وحده لا يسمع، وما ذكر من التعذيب من صفات الأجساد.
وعذاب القبر ثابت بهذه الأحاديث وغيرها، ويستدل له بقوله تعالى {فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} إذ يفيد أن الضرب يعقب الوفاة، وبقوله تعالى عن آل فرعون {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}
وأنكر الخوارج وبعض المعتزلة عذاب القبر مطلقا، وذهب بعض المعتزلة إلى أنه يقع على الكفار دون المؤمنين، والأحاديث صريحة في أنه يقع على المؤمنين والكفار من أمتنا ومن الأمم السابقة.

الصفحة 181