كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 1)

أما بم؟ وكيف يستاك؟ فأفضله عود الأراك، ثم عود الزيتون، ثم عود أي شجر يصلح لذلك من طيب الرائحة، وحسن أن يكون في غلظ الخنصر، وأن لا يكون شديد اليبس ولا رطبا، وفرشاة الأسنان المعروفة تقوم مقامه ومعجون الأسنان مستحسن، بل قال بعض العلماء: إن العلك [اللبان] يقوم مقامه بالنسبة للنساء. وكيفيته الكاملة أن يمسكه باليمين، وأن يكون خنصرها أسلفه، والبنصر والوسطى والسبابة فوقه، والإبهام أسفل رأسه -كما رواه ابن مسعود -وأن يغسله ويرطبه قبل استعماله، وأن يمر به على الأسنان طولا وعرضا، وأن يمر به على اللسان، وعلى طرف الأسنان وكراسي الأضراس، وسقف الحلق، وأن يستعمله برفق حسب الاستعداد لئلا يدمي اللثة، ويستاك حتى يطمئن لزوال النكهة، ونظافة الفم.
والأفضل أن لا يستاك بحضرة الغير، وأن يتمضمض بعده، وأن لا يستعمل سواك غيره.

-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 - ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الرفق بأمته والشفقة عليها.
2 - قال المهلب: فيه جواز الاجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه فيه نص لكونه جعل المشقة سببا لعدم أمره.
3 - أخذ منه بعضهم أن أمر الشارع إذا أطلق ينصرف إلى الوجوب، وهو مذهب أكثر الفقهاء، لأنه صلى الله عليه وسلم قال "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم" والسواك مسنون بالاتفاق، فدل على أن المتروك إيجابه، لأنه نفي الأمر مع ثبوت الندبية.
4 - وعلى أن الطلب على وجهة الندب ليس بأمر حقيقة.
5 - والحديث بعمومه يدل على استحباب السواك للصائم بعد الزوال، خلافا للشافعية.
6 - وضع البخاري هذا الحديث تحت كتاب الجمعة كظاهرة من المظاهر المستحبة في الجمعة، كالغسل والتطيب ولبس أحس الثياب، وبما أنه مستحب آكد استحباب عند كل صلاة, فإن صلاة الجمعة تزيد تأكيد استحبابه، لكثرة المجتمعين لها. والله أعلم.

الصفحة 213