كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 1)

قُلْنَا: بَلْ بِالْعَقْلِ، كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ اسْتِقْرَاءُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَاسْتِقْرَاءُ اللُّغَةِ مِثْلُهُ. ثُمَّ قَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى جَوَازِهِ، وَقَوْلُهُمْ حُجَّةٌ، وَهُوَ إِثْبَاتٌ، فَيُقَدَّمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: «قُلْنَا: بَلْ بِالْعَقْلِ» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ فَقَطْ، بَلْ وَبِالْعَقْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقِيَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ الْأُصُولِيِّينَ يَذْكُرُونَ فِي إِثْبَاتِهِ مَدَارِكَ عَقْلِيَّةً وَشَرْعِيَّةً، وَإِذَا كَانَ لِلْعَقْلِ تَصَرُّفٌ فِي إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ، فَكَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ اللُّغَوِيِّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: سَلَّمْنَا أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنَّ مُسْتَنَدَ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ اسْتِقْرَاءُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاسْتِخْرَاجُ أَدِلَّتِهِ مِنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي أَدِلَّةِ الْإِجْمَاعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَاسْتِقْرَاءُ اللُّغَةِ مِثْلُهُ، أَيْ: هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِيَاسِ اللُّغَوِيِّ، كَاسْتِقْرَاءِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ هُوَ اسْتِقْرَاءُ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ، فَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ اللُّغَوِيُّ مُسْتَنَدُهُ اسْتِقْرَاءُ الْأَسْمَاءِ اللُّغَوِيَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ كَابْنِ جِنِّيٍّ فِي كِتَابِهِ «الْمُنْصِفِ» وَغَيْرِهِ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ، وَقَوْلُهُمْ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ،

الصفحة 482