كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَدِيثُ جِبْرِيلَ الصَّحِيحُ حَيْثُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الْإِيمَانُ؟ فَقَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ - أَيْ تُصَدِّقَ بِذَلِكَ - قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ جِبْرِيلَ سَأَلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصِيغَةٍ مُفْرَدَةٍ سُؤَالًا مُسْتَقِلًّا وَذَلِكَ قَاطِعٌ فِي الْفَرْقِ، كَمَا إِذَا قِيلَ: مَا الْإِنْسَانُ وَمَا الْأَسَدُ؟ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا قَطْعًا.
الثَّانِي: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهُ عَلَى الْفَرْقِ فِي السُّؤَالِ عَنْهُمَا، وَأَجَابَهُ عَنْهُمَا بِحَقِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، فَفَسَّرَ الْإِيمَانَ بِالتَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ، وَالْإِسْلَامَ بِالْعَمَلِ الْبَدَنِيِّ، وَهَذَا قَاطِعٌ فِي أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا اخْتِلَافٌ كُلِّيٌّ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ أَثَرُ الْإِيمَانِ وَمُكَمِّلُهُ وَصِفَةٌ لَهُ لَا رَكْنٌ فِيهِ وَجُزْءٌ لَهُ.
وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ عَلَى اتِّحَادِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذَّارِيَاتِ: 35 - 36] ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ آلُ لُوطٍ، فَضَعِيفٌ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِالْأَمْرَيْنِ تَخْصِيصًا لَهُمْ، وَمَدْحًا وَتَعْظِيمًا، أَوْ أَنَّهُ غَايَرَ بَيْنَ الْفَاصِلَتَيْنِ فِي الْآيَتَيْنِ دَفْعًا لِلتَّكْرَارِ، كَمَا بَيَّنَاهُ فِي «بُغْيَةِ الْوَاصِلِ» .

الصفحة 72