كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 1)

وَأَنْ تَرْزُقَنِي الْعِلْمَ وَتُوَفِّقَنِي لِلْعَمَلِ، وَتُبَلِّغَنِي مِنْهُمَا نِهَايَةَ السُّولِ وَغَايَةَ الْأَمَلِ، وَتَفْسَحَ لِي فِي الْمُدَّةِ وَتَنْسَأَ لِي فِي الْأَجَلِ، فِي حُسْنِ دِينٍ وَإِصْلَاحِ شَأْنٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: " وَأَنْ تَرْزُقَنِي الْعِلْمَ، وَتُوَفِّقَنِي لِلْعَمَلِ، وَتُبَلِّغَنِي مِنْهُمَا نِهَايَةَ السُّولِ وَغَايَةَ الْأَمَلِ، وَتَفْسَحَ لِي فِي الْمُدَّةِ، وَتَنْسَأَ لِي فِي الْأَجَلِ، فِي حُسْنِ دِينٍ وَإِصْلَاحِ شَأْنٍ ".
هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَنْ تُصَلِّيَ، فِيمَا سَبَقَ، أَيْ: وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى سَيِّدِ أَصْفِيَائِكَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي التَّوْفِيقَ، وَهُوَ التَّيْسِيرُ لِمَا يُوَافِقُ، وَذَلِكَ بِتَحْقِيقِ الدَّوَاعِي، وَإِزَالَةِ الْعَوَائِقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ وَالتَّوْفِيقَ لِلْعَمَلِ بِهِ هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَالْمَنْهَجُ الْقَوِيمُ إِلَى السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
وَالْعِلْمُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا لِأَنَّهُ يَحْرُسُ الْعَمَلَ عَنِ الْفَسَادِ وَالِاخْتِلَالِ، وَالْعَمَلُ نَتِيجَةُ الْعِلْمِ وَمَقْصُودُهُ وَثَمَرَتُهُ، وَهُوَ الِاسْتِقَامَةُ الْمُفْضِيَةُ إِلَى الْخُلُودِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فُصِّلَتْ: 30 - 32] فَحَقِيقَةُ الِاسْتِقَامَةِ: فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِالْعِلْمِ، فَعِلْمٌ بِلَا عَمَلٍ عَقِيمٌ، وَعَمَلٌ بِلَا عِلْمٍ سَقِيمٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلِلْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ كِتَابٌ سَمَّاهُ: " اقْتِضَاءُ الْعِلْمِ الْعَمَلُ " ذَكَرَ فِيهِ كَثِيرًا مِنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ذَكَرْتُ جُمْلَةً صَالِحَةً مِنْهُ فِي كِتَابِ: " الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ " فَإِذَا شِئْتَ انْظُرْ هُنَاكَ.

الصفحة 80