كتاب عن الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول)
ومن المعروف أن قتال أصحاب الدعوة لخصومهم لم يحدث في أول بدايتها.
ويعطي الشيخ في إحدى رسائله سببين أساسيين لتغير موقف بعض العلماء من الاعتراف بصحة الدعوة إلى مناوأتها: الأول: أن العامة ستقول إذا كان ما يدعو إليه الشيخ هو الحق فلم لم تدعونا إليه قبله؟ وعدم سؤال العامة لهم عنه لا يبرر سكوتهم. وهذا يمكن أن يقال عنه بعبارة أخرى: إن هؤلاء.. المعارضين خافوا أن يفقدوا مكانتهم الاجتماعية؛ لأن الناس سيتساءلون عن علمهم وإخلاصهم، فإن كانوا لم يعرفوا الحكم قبل الشيخ فعلمهم قليل. وإن كانوا علموا الحكم وأخفوه فإخلاصهم مفقود. وفي كلتا الحالتين إضعاف لمكانتهم. والسبب الثاني: لتغير موقفهم في نظر الشيخ إنكاره عليهم أكل السحت والرشوة1.
ومن الممكن قبول السبب الثاني من تعليل الشيخ السابق؛ لأن هذا الموضوع كان بطريقة ما بين المسائل التي ذكرها ابن سحيم في رسالته الموجهة إلى العلماء خارج نجد ليقفوا ضد الدعوة2. لكن السبب الأول من التعليل لا يمكن قبوله دون تحفظ، فلو كان سليمان بن سحيم وأمثاله يرون أن اعترافهم بصحة الدعوة قد يهز من مكانتهم الاجتماعية، لما اعترفوا بصحتها منذ البداية. ولعل السبب الأساسي في تغير موقفهم انتقال الدعوة من طور إلى آخر مختلف نوعًا ما.
وتشير الرسائل - أيضًا - إلى أن تغير موقف بعض المعارضين النجديين كان نتيجة تأثير البعض الآخر، كما حدث بالنسبة لتأثير المويس على عبد الله بن سحيم3. كما تشير إلى أن عدم انضمام بعض علماء نجد إلى الدعوة ناتج عن عدم القدرة على إقناع الأمراء بها4.
__________
1 روضة 1/114.
2 روضة 1/113.
3 روضة 1/116.
4 روضة 1/109 و162.
الصفحة 110
416