كتاب المرأة في حياة إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول)
إن في واقع تاريخنا أمثلة حية لمشاركة المرأة في جميع الأعمال النافعة، حتى في مقارعة الأبطال، ومجالدة الأعداء بأدوات القتال، فغالية البقمية1 كان لشجاعتها وقيادتها الأثر العظيم في مؤازرة أنصار الدعوة حتى انهزم جيش طوسون بن محمد علي باشا في وقعة تربة سنة 1229هـ (1813 م) ، ثم تصدت مع المجاهدين لحرب جيش محمد علي حين غزا تربة؛ ليثأر لهزيمة ابنه بشجاعة نادرة. أثارت حفيظة الباشا الذي تمنى أن يقدر على إمساكها بعد انهزام جيشها وذهابها إلى الدرعية سنة 1230هـ بعد هزيمة وقعة بسل، وقال عنها المؤرخ المصري محمود فهمي المهندس في كتاب "البحر الزاخر"2: وتكدر محمد علي باشا كثيرا من هرب غالية ونجاتها من يده؛ لأنه في اشتياق زائد لإرسالها إلى القسطنطينية، علامة وشهرة على نصره وظفره. انتهى.
ومع شهرة تلك المجاهدة الشجاع، لم يرد لها ذكر في أهم المصادر التي بين أيدينا عن تاريخ الدعوة.
وقل مثل ذلك في سيدة شجاع انتضت السيف حتى أدركت الثأر من قاتل ابنها، ولولا ما حفظه لنا الشعر العامي والرواة المعاصرون من أمرها لكان نسيا منسيا، إنها السيدة لؤلؤة بنت عبد الرحمن آل عرفج من أمراء القصيم آل عليان من العناقر من تميم، التي قال عنها الأمير عبيد بن علي بن رشيد - يذكر السيف -:
ليا عاد ما نرويه من دم الأضداد ... ودوه يم العرفجيه ترويه
وتجد خبرها مفصلا في كتاب "بلاد القصيم"3 للأستاذ الشيخ محمد العبودي.
__________
1 انظر عن غالية مجلة "العرب" س5 ص800 وس6 ص394 و"الأعلام" للزركلي حرف الغين - ومجلة "الزهراء" ج1 ص118 وتاريخ الجبرتي حوادث سنة 1229هـ و"البحر الزاخر في تاريخ العالم وأخبار الأوائل والأواخر" ج1 ص 173/187/188 تأليف محمود فهمي المهندس المتوفى في سيلان سنة 1311هـ- منفياً مع عرابي باشا.
2 ج1 ص187 وما بعدها.
3 ص524 وما بعدها وهو أحد أقسام "المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية" من منشورات (دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر) وشرح بيت عبيد: (ليا) إذا: (عاد) : لم (ودوه) : اذهبوا له ويعني السيف. (العرفجية) : المنسوبة إلى آل عرفج، وغلط فؤاد حمزة فظن الكلمة اسم روضة - كما في حاشية كتابه "قلب جزيرة العرب" ونبهت على ذلك في نقدي للكتاب. ومجمل معنى بيت الشاعر: إذا لم نرو سيوفنا من دم أعدائنا فخذوها منا وأعطوها النساء فهن أشجع منا - كما فعلت العرفجية.
الصفحة 163
416