كتاب المرأة في حياة إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول)

ولعل الشيخ في امتناعه عن الحضور اتضح له من خفايا الأمر ما لم يتضح في العبارات المبهمة من كلام المؤرخين الذين وصفوه بالخيانة والغدر.
ولا نريد أن نذهب بعيدا في محاولة الدفاع عن عثمان أكثر من القول بأن فعله هذا وسع شقة الخلاف وهيأ للناقمين عليه - ومنهم بعض أهل بلده من قومه - أقوى الوسائل للنيل منه.
ثم إنه بعد ذلك ذهب إلى الأمير محمد، وجدد العهد، وغزا الرياض بلدة دهام وذلك في سنة إحدى وستين ومائة وألف، وكان الأمير في تلك الغزوة التي قتل فيها 45 من الجيش. ثم غزا الرياض مرة ثانية، فقتل من الفريقين نحو اثنى عشر رجلا.
وفي سنة 1161هـ - على ما ذكر ابن غنام -1: سار عثمان بأهل العيينة وحريملاء وعبد العزيز بأهل الدرعية وقراها وأهل ضرما، والأمير على الجميع عثمان، فنزلوا ليلا في موضع قريب من ثرمداء يقال له البطين، وجعلوا لهم كمينا، فلما أصبحوا خرج عليهم أهل البلد فاشتد القتال، فلما خرج الكمين انهزم أهل ثرمداء، بعد أن قتل منهم 70 رجلا، ثم التجئوا إلى قصر يسمى قصر الحريص فتحصنوا فيه، فخلا البلد من المقاتلين، فأراد عبد العزيز بن محمد بن سعود) أن يدخلوا البلدة فيأخذوها عنوة، فأبى عثمان ذلك وارتحل بمن معه، ولم يبق مع عبد العزيز إلا عدد قليل فتردد في دخول البلد، ثم عزم على العودة، وأخبر أباه محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب بما حدث من عثمان، فزاد ما في نفسيهما عليه.
أما ابن بشر فقد قال في إحدى نسخ تاريخه2: فأبى عثمان مشحة بأهلها ومضنة بهم، وقال في الأخرى 3: وحصل من عبد العزيز كلام على عثمان، وأكثر عليه الملام - ثم ذكر تخلفه وأتبعه بقوله -: ولم يلحقه إلا آخر النهار، فصارت الأحوال بينهما متغايرة، والقلوب متنافرة.
__________
1"تاريخ نجد": 96.
2"عنوان المجد" الطبعة الأولى 22.
3"عنوان المجد" 1/36 - طبعة وزارة المعارف سنة 1391هـ.

الصفحة 177