كتاب المرأة في حياة إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول)

فلما علم بذلك الشيخ عجل بالمسير إلى العيينة، فقدم في اليوم الثالث بعد مقتله، وأراد أهل التوحيد وخاصة من اشترك في قتل عثمان ألا يولى عليهم أحد من آل معمر فأبى الشيخ، وأمر مشاري بن معمر، وكان ذلك في منتصف رجب. انتهى. ونحو هذا ورد في "عنوان المجد" لابن بشر1.
لقد مضى الرجل لسبيله، وكما يقال: (الغائب حجته معه) ، ولكنه فتح بكثير من تصرفاته للناقمين عليه أبوابا واسعة للنيل منه، ولا يعنينا الآن إلا أن تبدو الصفحات الأولى من تاريخ الدعوة المباركة ناصعة البياض، وأن لا يتهم دعاتها ومناصروها بتنكرهم لمؤازريهم.
ويكاد متتبع تاريخ القضية أن يجزم بأنه لا يد للشيخ محمد ولا للإمام محمد بن سعود في قتل ذلك الرجل، وأن الأمر وقع في وقت لم تستقر فيه أوضاع الدولة الناشئة، ولم تثبت دعائم الدعوة.
ومن المعروف أن كل حركة من حركات التغيير الاجتماعية يصاحب قيامها فوضى وعدم انضباط في كثير من أمورها قبل استقرارها، وكثيرا ما استغل ذوو الأغراض - من المناصرين لتلك الحركة أو من أعدائها - ذلك لتحقيق أغراضهم.
ولهذا تكررت حوادث مشابهة لحادثة قتل عثمان بن معمر، منها: قتل إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن أمير ضرما سنة 1164هـ وقتل أمير حريملا محمد بن عبد الله بن مبارك سنة 1165هـ، وقتل محمد بن فارس وابنه عبد المحسن صاحبا منفوحة بيد ابني زامل بن فارس سنة 1178هـ، وقتل أمير الفرعة عيبان الناصري سنة 1179هـ هو وأولاده، ومهما كانت أسباب كل هذه الحوادث فلم تكن بموافقة القائمين بأمور الدعوة.
ويضاف إلى ما تقدم أن أسرة آل معمر قد حدث بينها شقاق حول تولي الإمارة، منذ منتصف القرن الحادي عشر الهجري.
__________
1 ج1 ص89.

الصفحة 179