كتاب اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة - عبد العزيز آل الشيخ
تعاطي السحر والاعتقاد في الطيرة والأنواء والاعتقاد بأن من الأيام أيام نحس وشؤم وغير ذلك مما علق بأذهان الناس واعتقدوه أمراً مباحاً، ولازالت رواسبه في أذهان العوام في كثير من البلاد الإسلامية. ومن الأمور الأساسية التي ركزت عليها تلك الدعوة السلفية إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة.
ونادت الدعوة السلفية بوجوب الجهاد في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر ونادت الدعوة السلفية أيضاً بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل شئون الحياة، وأنه لابد من أن تكون في الناس أمة تدعو إلى الخير وترشد إليه وتقلع المنكر من جذوره وتحذر منه وفق ما جاء به دين الله الذي ارتضاه لعباده.
"الدعوة تنشط من عقالها"
بينما الجزيرة العربية منغمسة في تلك الأوحال المخالفة لهدي الإسلام ولصفاء نور العقيدة الخالصة من شوائب الشرك والبدع، إذا بصوت الداعي المصلح ينادي بالدعوة إلى التوحيد ويندب نفسه للذود عن الدين وتخليصه من أيدي المشركين والمبتدعين، ولكن علماء "العيينة" وما جاورها أنكروا ما هو فيه وقاوموه أشد المقاومة، بعد ذلك ترك الشيخ العيينة راحلاً إلى مكة بلد الله الحرام قاصدا الحج ليقضي حجه وليتزود من العلماء ما يمكنه أن يتزود به، فاجتمع بعلمائها وفقهائها، وبحث معهم حال المجتمعات الإسلامية وما هي فيه من جهل وضلال ومخالفة لصريح القرآن، وناقشوه وناقشهم، ثم انتقل الشيخ بعد ذلك إلى المدينة للصلاة في المسجد الشريف والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصل له زيارة علمائها والأخذ عنهم. ومنهم الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، والشيخ محمد حياة السندي. وقد أجازه الشيخان بمروياتهما، وعرض عليهما دعوته واتفقا معه وشجعاه وحبذا فكرته. بعد ذلك عاد الشيخ محمد إلى نجد من المدينة مسرورا بما لقيه من العلماء.
ثم إنه فكر في الذهاب إلى البصرة ليلتقي بالعلماء ويدعو الناس إلى تحقيق التوحيد وترك الشرك والبدع والمحرمات، فاستفاد من علمائها وأفادهم، ورأى الشيخ في العراق الوثنية قائمة والبدع والخرافات والشرك الأكبر، ورأى القبور مزدحمة بالمبتدعين
الصفحة 194
416