كتاب اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة - مناع القطان

الصراط المستقيم، وترفع عن كاهلها أوزار الجهالة، وتحطم قيود العبودية وأغلال الاستبداد.
وبين تلك الحياة القائمة التي كانت تعيشها نجد سياسيًا ودينيًا، ومض في الأفق بريق الأمل، وأراد الله تعالى أن يزيح الغمة، ويعيد للأمة صفاء عقيدتها، ويخلصها من أوضار الشرك والجهالة، ويبدد غيوم اليأس والقنوط، فارتفع صوت يردد كلمة التوحيد التي بعث بها الرسل (لا إله إلا الله) بروح الإيمان الصادق ويحيي في النفوس العقيدة الخالصة، ويمسح عنها أدران الوثنية والجاهلية ويدعوها إلى نبذ البدع والخرافات، ويستقي لها من نبع الإسلام الصافي ومورده العذب في القرآن والسنة، وما كان عليه سلف هذه الأمة.
كان هذا الصوت صوت الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي الذي تجاوبت أصداؤه في ربوع نجد، وفي جزيرة العرب وفي ديار الإسلام كافة، ووجد ما يدعمه من قوة السلطان في الأمير محمد بن سعود، فكان ذلك إيذانًا بفجر جديد ينشر ضوءه في جوانب العالم الإسلامي، إعلاء لكلمة الله وتمكينًا لشريعة الإسلام.
اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على القرآن والسنة:
لقد كثرت الأقاويل في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وافترى عليه نفر من الناس، وخاضوا في الحديث عنه على غير علم، وكأنه كان بدعا في تاريخ المصلحين أتى لهم بمذهب جديد، والحق أن دعوته كسائر دعوات الإصلاح الإسلامي الرشيدة المهتدية، نهجها الاتباع لا الابتداع، ترد الناس إلى الشريعة الإسلامية في مصدريها الأساسيين: القرآن والسنة.
والقرآن: هو كلام الله الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ونقل إلينا تواتراً؛ لنتعبد بتلاوته وأحكامه، وكان آية دالة على صدقه فما ادعاه من الرسالة، هو أساس الدين، ومصدر التشريع، وحجة الله البالغة في كل عصر ومصر، بلغه رسول الله لأمته امتثالا لأمر ربه

الصفحة 218