كتاب اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة - مناع القطان

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} 1 واحتوى على الأمر الإلهي الصريح بوجوب اتباعه والعمل بما تضمنه من الأحكام في غير موضع بأساليب شتى، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} 2.
وقال عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} 3.
وتلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاوةً له وحفظًا ودراسةً لمعانيه، وعملاً بما فيه، واستمر حفظ المسلمين للقرآن في كل عصر، وتوارثت الأمة نقله بالكتابة على مرّ الدهور جيلاً بعد جيل، من غير تحريف أو تبديل، وذلك مصداق قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 4 وقد اشتمل القرآن الكريم على أصول الشريعة وقواعدها في الحلال والحرام، وجاءت أكثر أحكامه مجملة، تشير إلى مقاصد الشريعة، وتضع بيد الأئمة والمجتهدين المصباح الذي يستنبطون في ضوئه أحكام جزئيات الحوادث في كل زمان ومكان، وهذا سر خلود الشريعة وشمول قواعدها الكلية ومقاصدها العامة لما يحدث في الناس من أقضيات.
__________
1 سورة المائدة آية: 67.
2 سورة الأعراف آية: 3.
3 سورة المائدة آية: 48.
4 سورة الحجر آية: 9.

الصفحة 219