كتاب اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة - مناع القطان

وتحققت أن هذا حتم على المؤمنين كلهم فاعلم أن مسألة الأوقاف فيها النزاع معروف في كتب المختصرات، وذكر في شرح "الإقناع" في أول الوقف أنهم اتفقوا على صحة وقف المساجد، والقناطر، يعنى بقعهما لا الوقف عليهما، واختلفوا فيما سوى ذلك، إذا تبين هذا فأنت تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" 1 وفي لفظ الصحيح "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" 2 ونقطع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بهذا، ولو أمر به لكان الصحابة أسبق الناس إليه، وأحرصهم عليه 3.
وكان الشيخ حنبلي المذهب في دراسته، ولكنه لا يلتزم مذهب الإمام أحمد في فتاواه إذا ترجح لديه ما يخالفه فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كتب إليه الشيخ عبد العزيز الحصين يسأله عن مسائل "المسألة الأولى" ... العروض، هل تجزئ في الزكاة إذا أخرجت بقيمتها؟ فأجاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقوله: "أما المسألة الأولى ففيها روايتان عن أحمد، إحداهما المنع لقوله: "في كل أربعين شاة شاة، وفي مائتي درهم خمسة دراهم" 4 وأشباهه، والثانية يجوز، قال أبو داود: سئل أحمد عن رجل باع تمر نخلة فقال عشره على الذي باعه، قيل يخرج تمرًا أو ثمنه، قال: إن شاء أخرج تمرًا وإن شاء أخرج من الثمن.
إذا ثبت هذا فقد قال بكل من الروايتين جماعة وصار نزاع فيها فوجب ردها إلى الله والرسول، قال البخاري في صحيحه في أبواب الزكاة: "باب العرض في الزكاة" وقال طاوس: قال معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقال صلى الله عليه وسلم "وأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله" ثم ذكر في الباب أدلة غير هذا فصار الصحيح أنه يجوز"5.
__________
1 البخاري: الصلح (2697) , ومسلم: الأقضية (1718) , وأبو داود: السنة (4606) , وابن ماجه: المقدمة (14) , وأحمد (6/73 ,6/146 ,6/180 ,6/240 ,6/256 ,6/270) .
2 البخاري: الصلح (2697) , ومسلم: الأقضية (1718) , وأبو داود: السنة (4606) , وابن ماجه: المقدمة (14) , وأحمد (6/73 ,6/146 ,6/180 ,6/240 ,6/256 ,6/270) .
3 فتاوى ومسائل - المسألة الثانية والعشرون ص88 , 89 - القسم الثالث مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والفتاوى.
4 الدارمي: الزكاة (1621) .
5 فتاوى ومسائل ص95 , والعرض بفتح المهملة وسكون الراء: ما عدا النقدين والخميص: عنى به الصفيق من الثياب. أو لبيس: أي ملبوس: فعيل بمعنى مفعول.

الصفحة 223