كتاب اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة - مناع القطان

فأنت تراه في هذه الفتوى يذكر الخلاف ثم يرده إلى الله والرسول، ويدعم ما اختاره بالدليل، حيث أخذ معاذ العرض بدل الشعير والذرة في الزكاة وفي نهاية أجوبته أتى بتتمة في اتباع النصوص مع احترام العلماء فقال: "إذا فهمتم ذلك فقد تبين لكم في غير موضع أن دين الإسلام حق بين باطلين وهدى بين ضلالتين، وهذه المسائل وأشباهها مما يقع الخلاف فيها بين السلف والخلف من غير نكير من بعضهم على بعض، فإذا رأيتم من يعمل ببعض هذه الأقوال المذكورة بالمنع مع كونه قد اتقى الله ما استطاع، لم يحل لأحد الإنكار عليه اللهم إلا أن يتبين الحق فلا يحل لأحد أن يتركه لقول أحد من الناس، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلفون في بعض المسائل من غير نكير ما لم يتبين النص.
فينبغي للمؤمن أن يجعل همه ومقصده معرفة أمر الله ورسوله في مسائل الخلاف، والعمل بذلك، ويحترم أهل العلم ويوقرهم ولو أخطئوا، لكن لا يتخذهم أربابًا من دون الله، هذا طريق المنعم عليهم.
أما اطراح كلامهم وعدم توقيرهم فهو طريق المغضوب عليهم، وأما اتخاذهم أربابًا من دون الله -إذا قيل: قال الله قال رسوله قيل: هم أعلم منا- فهذا هو طريق الضالين" 1.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب يقرر أن دين الحق هو الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم، ويعلل ذلك بأمرين: أحدهما: أن الله أعطى رسوله جوامع الكلم. وثانيهما: أنه - عليه الصلاة والسلام - يتكلم بالكلمة الجامعة، وبهذا أكمل الله لنا الدين، وأغنانا بهذا عن إحداث شيء في الدين ليس منه، فإنه يكون بدعة وضلالة، يقول الشيخ "اعلم -أرشدك الله- أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو العلم النافع، ودين الحق الذي هو العمل الصالح - إذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء، ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين، ومن أعظم ما امتن
__________
1 المصدر السابق ص97.

الصفحة 224