كتاب الإمام محمد بن عبدالوهاب في مدينة الموصل (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الجزء الأول)

تذكر البلد الذي استقر فيه. وما جاء في المصدر الجديد: (غرائب الأثر) ، ولعل في هذا الاستنباط ما يضيف جديدًا على سيرة الإمام.
كانت رحلة الإمام إلى العراق سنة (1136هـ-1724م) ، فمكث في بغداد ثلاث سنوات، أي أنه كان في بغداد حتى سنة (1139هـ - 1727م) ، ثم رحل إلى شمالي العراق، فجابها بلدًا بلدًا، وقضى في هذه الجولة سنة واحدة1، فقد غادر (نجدا) سنة 1136 هـ.
وفي شمالي العراق مراكز علمية مهمة وبخاصة في كركوك والسليمانية وأربيل والعمادية ودهوك وزاخو، ولكن أهم تلك المراكز دون شك ليس على نطاق شمالي العراق بل على نطاق العراق كله والبلاد العربية هو مركز الموصل العلمي، فالموصل هي حاضرة شمالي العراق وأكبر مدنه، وأكبر المدن العراقية بعد بغداد، وكانت تستقطب أبرز شيوخ شمالي العراق بخاصة وقسمًا من علماء البلاد الإسلامية بعامة، وكان يؤمها الطلاب والشيوخ لارتشاف العلم من مناهلها الثرة.
"لأن فيها أربعا وأربعين مدرسة علمية"2 في أيام زيارة الإمام لها، عامرة بعلماء الدين الأعلام، غاصة بطلاب العلم الموصليين وغيرهم.
ومن المعلوم أن رحلة الإمام العلمية إلى ربوع شمالي العراق لم تكن للاصطياف أو الاطلاع على المعالم السياحية، بل كانت جهادًا في سبيل العلم وحده، فليس من المستغرب أنه جاب المراكز العلمية في شمالي العراق، ولكنه قضى معظم عامه الدراسي في المركز العلمي الرئيسي؛ الموصل، وهو عام 1140هـ-1728م) .
وهذا يعني أن الإمام دخل الموصل طالبًا وعمره يومئذ خمسة وعشرون عامًا؛ لأنه ولد سنة (1115هـ-1703م) ، وهو العمر الذي يكون فيه الطالب في أوج نشاطه الذهني لتلقي العلم والإقبال عليه والتأثر به وبالمحيط من الطلاب والشيوخ والأحداث.
__________
1 حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (65-66) وانظر كتاب: الموصل في العهد العثماني (414 وما بعدها) .
2 انظر التفاصيل في: مدارس الموصل في العهد العثماني - سعيد الديوه جي بغداد 1964م.

الصفحة 79