كتاب الإمام محمد بن عبدالوهاب في مدينة الموصل (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الجزء الأول)
ولعل من أسباب إيثار الإمام للموصل على غيرها من المراكز العلمية في شمالي العراق هو: أن الموصل عربية بسكانها وتقاليدها ولغتها، وكانت عربية أصيلة قبل الفتح الإسلامي وأيام الفتح الإسلامي سنة ست عشرة الهجرية1 وبعد الفتح حتى اليوم، هذا بالإضافة إلى أنها أكبر مركز علمي في شمال العراق.
أما سائر المراكز العلمية الأخرى في شمالي العراق فهي ليست عربية بسكانها ولغتها: كركوك تركية، والسليمانية وأربيل والعمادية ودهوك.. وزاخو كردية، ولكن العربية هي لغة العلم في المراكز العلمية كافة؛ لأن العربية هي لغة الكتاب العزيز.
ولكن هل زار الإمام جميع المراكز العلمية في شمالي العراق؟ وكم قضى من وقت في كل مركز علمي زاره؟
ذلك ما يصعب الإجابة عليه ما دمنا ملتزمين بالنصوص التاريخية التي تحدثت عن رحلة الإمام العلمية في شمالي العراق، ولكنه يمكن الاستنتاج أنه قضى معظم عامه الدراسي هذا في الموصل الحدباء.
[من شيوخ الإمام: الشيخ حمد الجميلي]
- 4 -
وكل طالب علم يتأثر بأستاذه الذي يعلمه، والطلبة الذين يتلقون العلم معه. والمحيط الذي يعيش فيه، والأحداث التي تكتنفه.
وقد كان الشيخ حمد الجميلي الأستاذ الذي اختاره الإمام من شيوخ الموصل يقرأ عليه، فمن المفيد أن نتذكر شيئًا من سمات الشيخ الجميلي الشخصية والعلمية؛ لنعرف مبلغ تأثيره في تلميذه محمد بن عبد الوهاب الذي كان في ريعان الشباب.
كان فقيهًا فاضلاً، جمع بين المعقول والمنقول، وزاحم الفحول، وتصدى للتدريس
__________
1 الطبري (4/35-36) وابن الأثير (2/523-524) .
الصفحة 80
416