كتاب الإمام محمد بن عبدالوهاب في مدينة الموصل (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الجزء الأول)
تاب وأناب1) ، ومن قائل: (إنه أصر على موقفه) 2، ومن قائل: (إنه أطاع ظاهرًا وأنكر خفية) 3.
ومهما يكن موقف ابن الكولة فليس ثمة دليل على أن هذه الدعوة السلفية قد خمدت، فقد استمر في حملته على المقامات والمشاهد وعلى من يتخذها وسيلة للتكسب4 إلى أن توفي سنة (1173هـ-1759م) 5. وحمل الراية بعد ابن الكولة ابنه الشيخ محمد الذي كان "شديد الإنكار على جميع الأولياء6 ".
وبذلك انقسم الموصليون إلى فريقين: فريق محافظ متأثر بالطرق الصوفية، وفريق سلفي يدعو إلى نبذ تقديس الأولياء وإلى مقاومة الصوفية، وجمع كل فريق ما استطاع من حجج للدفاع عن آرائه.
لقد كان هدف الدعوة السلفية مقاومة نفوذ المشايخ أصحاب الطرق الصوفية، ومقاومة تقديس مراقد الأولياء، وتنقية الدين من البدع بالعودة إلى التمسك بالكتاب والسنة، وكانت حركة ابن الكولة إحدى الفورات في الموصل من فورات الدعوة السلفية، سبقها فورات كثيرة وأعقبها فورات كثيرة، فالدعوة السلفية في الموصل قائمة في الماضي والحاضر وستبقى قائمة في المستقبل.
ولقد شهدنا في أيامنا صراعًا عنيفًا بين دعاة السلفية من علماء الدين والمتصوفة والمقلدين، وكانت ولا تزال مؤلفات السلفية القدامى كالإمام ابن تيمية والجدد كالشيخ محمد رشيد رضا شائعة في الموصل، يقبل عليها الناس إقبالا شديدًا.
__________
1 السيف المهند في من اسمه أحمد (3 مخطوط) .
2 منهل الأولياء (1/285) .
3 الدر المكنون (585 مخطوط) .
4 الموصل في العهد العثماني (409) .
5 ابن الخياط -ترجمة الأولياء في الموصل الحدباء -المقدمة (13) .
6 غرائب الأثر (35) .
الصفحة 84
416