كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

الأئمة فيه مع ما عرف من فضله، وفيها ((أبو صالح الفراء: ذكرت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن فقال: ذاك يشبه أستاذه يعني الحسن (بن صالح) بن حي - فقلت ليوسف أما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ قال لم يا أحمق؟ أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضر عليهم)).
أقول: والأئمة غير معصومين من الخطأ والغلط، وهم إن شاء الله تعالى معذورون مأجورون فيما أخطأوا فيه كما هو الشأن فيمن أخطأ بعد بذل الوسع في تحري الحق، لكن لا سبيل إلى القطع بأنه لم يقع منهم في بعض الفروع تقصيري يؤاخذون عليه، أو تقصير في زجر اتباعهم عن الغلو في تقليدهم.
على أن الأستاذ إذا أحب أن يسلك هذه الطريق لا يضطر إلى الاعتراف بأن ابن عيينة كان يعقد أن أبا حنيفة أخطأ في بعض مقالاته، بل يمكنه أن يقول: لعل ابن عيينة رأى أناساً قاصرين عن رتبة أبي حنيفة يتعاطون مثل ما كان يقع منه من الإكثار من الفتوى والإسراع بها غير معترفين بقصورهم اغتراراً منهم بكثرة ما جمعوا من الأحاديث والآثار فاحتاج ابن عيينة في ردعهم إلى تلك الكلمة القاطعة لشغبهم. والله أعلم.
3 - فصل
حاول الأستاذ في (الترحيب) التبرؤ مما نسب إليه في (الطليعة) من الكلام في أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وفي هشام بن عروة بن الزبير وفي الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد.
فأما كلامه في أنس فتراه وما عليه في (الطليعة) ص 98 - 106 ويأتي تمامه في ترجمته إن شاء الله تعالى. وينبغي أن يعلم أن منزلة أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندنا غير منزلته التي يجعله الأستاذ فيها، فلسان حال الأستاذ يقول: ومن أنس؟ وما عسى أن تكون قيمة رواية أنس في مقابلة الإمام الأعظم وعقليته الجبارة، كما أشار إلى ذلك في
(الترحيب) ص 24 إذ قال: ((وأسماء الصحابة الذين رغب الإمام عما انفردوا به من الروايات مذكورة في (المؤمل) لأبي شامة الحافظ، وليس هذا إلا تحرياً بالغاً في المرويات يدل على عقلية أبي حنيفة الجبارة))

الصفحة 13