كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

والقدح، قولها وروايتها، وحكاية مقتضيها وروايته، وأما ما عدا السنة من آثار الصحابة والتابعين وغير ذلك فكله كلام.
وسيأتي تمام الكلام في القاعدة الأولى من قسم القواعد إن شاء الله تعالى.
وأما كلام الأستاذ في الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد فسيأتي إن شاء الله تعالى في تراجمهم ويكفي العبارة التي قالها في (التأنيب) في معرض الثناء عليهم زعم، ونقلها في (الترحيب) في معرض التبرؤ عن الطعن فيهم. وحقيقة الحال أن الأستاذ يرى أو يتراءى أو يفرض على الناس أن يروا أن منازل الأئمة هي كما يتحصل من مجموع كلامه في
(التأنيب)، ويرى أنه قد تفضل على الأئمة الثلاثة وجامل أتباعهم بأن أوهم في بعض عباراته رفعهم عن تلك المنزلة قليلاً، فلما رآني لم أعتد بذاك الإيهام الفارغ كان أقصى ما عنده أن يوهم الجهال براءته ويفهم العلماء أن تلك منازلهم عنده، رضوا أم كرهوا. وتمام الكلام في التراجم إن شاء الله تعالى.
4 - فصل
ذكر الأستاذ في (التأنيب) أسباباً اقتضت المنافرة بين الحنفية ومخالفيهم وأطنب في فتنة القول بخلق القرآن، ثم ذكر في (الترحيب) ص 18 - 19 أنه يتحتم علي أن أدرس ملابسات تلك الفتنة، يريد أن الدعاة إليها كانوا من أتباع أبي حنيفة كبشر المريسى وابن أبي داود، ونسبوا تلك المقالة إلى أبي حنيفة، وساعدهم حفيده إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة واستحوذوا على الدولة فسعت في تنفيذ تلك المقالة بكل قواها في جميع البلدان فكان علماء السنة يكلفون بأن يقولوا: إن القرآن مخلوق، فمن أجاب مظهراً الرضا والاعتقاد صار له منزلة وجاه في الدولة وأنعم عليه بالعطاء وولاية القضاء وغير ذلك، ومن أبى حرم عطاءه وعزل عن القضاء أو الولاية ومنع من نشر العلم، وكثير منهم سجنوا ومنهم من جلد، ومنهم من قتل، وأسرف الدعاة في ذلك حتى كان القضاة لا يجيزون شهادة شاهد حتى يقول إن القرآن مخلوق، فإن أبي ردوا شهادته، ومن أجاب مكرهاً ربما سجنوه وربما أطلقوه مسخوطاً عليه، وفي كتاب (قضاة مصر) طرف من وصف تلك المحنة. فيرى الأستاذ أن ذلك أوغر صدور أصحاب الحديث على أبي حنيفة فكان فيهم من يذمه ومنهم من يختلق الحكايات في ثلبه.

الصفحة 18