كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

إلى الناقص في الحديث متناً وسنداً . وهذا احتياط بالغ في دين الله ... فهل عرفت الآن يا معلمي مذهب الإمام لتقلع عن نسج الأوهام )) .
هذا والأستاذ يعلم أولاً أن النسبة إلى أبي حنيفة لا يكفي في إثباتها قول رجل حنبلي بينه وبين أبي حنيفة عدة قرون !
ويعلم ثانياً ما في كتب مذهبه مما يخالف هذا .
ويعلم ثالثاً أن قول الراوي : (( قتادة عن أنس )) وقوله مرة أخرى أو قول غيره :
(( قتادة حدثنا أنس )) ومرة أخرى : (( قتادة أن أنساً أخبره )) ليس من باب النقص والزيادة وإنما هو من باب المحتمل والمعين أو المجمل والمبين .
ويعلم رابعاً أن أصل الحنفية الاحتجاج بالمنقطع ، فما لم يتبين انقطاعه بل هو متردد بين الاتصال والانقطاع أولى ، فإذا ثبت مع ذلك اتصاله من وجه آخر فأكد .
ويعلم خامساً أنه لا ينبغي له أن يدافع عن نفسه بإلقاء التهم على إمامه .
فأما الاحتياط البالغ في دين الله الذي يموه به الأستاذ فالتحري البالغ الذي سبق ما فيه في الفصل الثالث فلا نعيده .
هذا وحديث الرضخ سيأتي بسط الكلام فيه في الفقهيات إن شاء الله تعالى .
والمقصود هنا أن أصحاب الرأي لهم عادة ودربة في دفع الروايات الصحيحة ومحاولة القدح في بعض الرواة حتى لم يسلم منهم الصحابة رضي الله عنهم ، على أن الأستاذ لم يقتصر على كلام أسلافه وما يقرب منه بل أربى عليهم جميعاً كما تراه في ( الطليعة ) ويأتي بقيته في التراجم إن شاء الله تعالى .
وأما غلاة المقلدين فأمرهم ظاهر وذلك أن المتبوع قد لا تبلغه السنة وقد يغفل عن الدليل أو الدلالة وقد يسهو أو يخطئ أو يزل ، فيقع في قول تجيء الأحاديث بخلافة فيحتاج مقلدوه إلى دفعها والتمحل في ردها ولو اقتصر الأستاذ على نحو ما عرف عنهم لهان الخطب ، ولكنه يعد غلوهم تقصيراً . !
وأما المتكلون فأول من بلغنا أنه في ذلك عمرو بن عبيد ، ذكر له حديث يخالف

الصفحة 25