كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

هواه ، رواه الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال عمرو (( لو سمعت الأعمش يقول هذا لكذبته ، ولو سمعته من زيد بن وهب لما صدقته ولو سمعت ابن مسعود يقوله لما قبلته ، ولو سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول هذا لرددته ، ولو سمعت الله - عز وجل - يقول هذا لقلت : ليس على هذا أخذت ميثاقنا )) (1) وتعدى إلى القرآن فقال في { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } وقوله تعالى { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } . (( لم يكونا في اللوح المحفوظ )) كأنه يريد أن الله تبارك وتعالى لم يكن يعلم بما سيكون من أبي لهب ومن الوحيد . ثم كان في القرن الثاني جماعة ممن عرف بسوء السيرة والجهل بالسنة ورقة الدين كثمامة بن أشرس والنظام والجاحظ خاضوا في ذلك كما أشار إليه ابن قتيبة وغيره ، وجماعة آخرون كانوا يتعاطون الرأي والكلام يردون الأخبار كلها ، وآخرون يريدون أخبار آحاد أي ما دون المتواتر ، كسر الله تعالى شوكتهم بالشافعي حتى أن شيوخه ومن في طبقتهم من الأكابر كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي انتفعوا بكتبه قال الشافعي في ( الأم ) ج 7 ص 250 (( باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها )) ثم ذكر مناظرته لهم . ثم قال بعد ذلك (( باب حكاية قول من رد خبر الخاصة )) فذكر كلامه معهم . وبسط الكلام في ذلك في ( الرسالة ) ، وفي ( كتاب اختلاف الحديث ) .
ثم كانت المحنة وويلاتها وكان دعاتها لا يجرؤون على رد الحديث وسيأتي في ترجمة علي بن عبد الله بن المديني بعض ما يتعلق بذلك ، ثم جاء محمد بن شجاع بن الثلجي فلم يجرؤ على الرد وإنما لفق ما حاول به إسقاط حماد بن سلمة كما يأتي في ترجمة حماد إن شاء الله تعالى ، وجمع كتاباً تكلف فيه تأويل الأحاديث وتبعه من الأشعرية ابن فورك في كتابه المطبوع ثم اشتهر بين المتكلمين أن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة لا تصلح حجة في صفات الله عز وجل ونحوها من الاعتقاديات وصرحوا بذلك في كتب الكلام والعقائد كالمواقف وشرحها ، والأمر أشد من ذلك كما يأتي في الاعتقاديات إن شاء الله تعالى . والأستاذ يدين بالكلام ويتشدد . ومع هذا كله فغالب أصحاب الرأي وغلاة المقلدين وأكثر المتكلمين لم يقدموا على
__________
(1) ساقه الذهبي في ترجمة عمرو بن عبيد في (( الميزان )) مساق المسلمات 0 ن

الصفحة 26