كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

عيسى أنه ذكر ذلك لمالك فقال مالك : (( هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتأبي ، ونحن نخطئ ، ومن يسلم من الخطأ )) فلم يرجع مالك مع اعترافه باحتمال الخطأ ، فكلمة أبي حاتم في المسيب لا تدل على أنه كان الغالب عليه ، ولا أن خطأه كان فاحشا" ، ولا أنه بين له في حديث اتفاق أهل على تخطئته فلم يرجع . وقد قال أبو عروبة في المسيب : (( كان لا يحدث إلا بشيء يعرفه يقف عليه )) وهذا يشعر بأن غالب ما وقع منه من الخطأ ليس منه بل ممن فوقه ، وفكان يثبت على ما سمع قائلا" في نفسه : إن كان خطأ فهو ممن فوقي لا مني . وفي ( الميزان ) و( اللسان ) عن ابن عدي أنه ساق الأحاديث التي تنتقد على المسيب ثم قال : (( أرجو أن باقي حديثه مستقيم وهو ممن يكتب حديثه )) وذكر في ( الميزان ) أربعة أحاديث ، إما أن تكون هي جميع ما ذكره ابن عدي (1) ، وإما أن يكون الذهبي رأى الأمر فيما عداها محتملا " .
الأول : رواه المسيب عن يوسف بن أسباط ، ويوسف ربما أخطأ في الأسانيد .
الثاني : حديث رواه ابن عدي عن الحسين بن إبراهيم السكوني – لم أقف على ترجمته – عن المسيب بسنده عن ابن عمر مرفوعا" أنه كره شم الطعام ، وقال : إنما تشم السباع . وقد روى الطبراني في ( الكبير ) والبيهقي في ( الشعب ) كما في ( الجامع الصغير ) من حديث أم سلمة مرفوعا" : (( لا تشموا الطعام كما تشمه السباع )) . فلينظر في سنده ويقفارن بسند حديث المسيب لعله يتبين وجه الغلط . (2) .
__________
(1) قلت : بل جميع ما ذكره له ابن عدي في (( الكامل )) ( ق 392 / 1 – 2 ) عشرة أحاديث ، ليس فيها الحديث الخامس الذي نقله المصنف رحمه الله عن (( اللسان )) وقال ابن عدي عقبها :
(( وللمسيب حديث كثير عن شيوخه ، وعامة ما خالفه فيه الناس هو ما ذكرته ، وأرجو أن باقي حديثه مستقيم صالح ، وهو ممن يكتب حديثه ، وهذا الذي ذكرته لا يعتمده . بل كان يشبه عليه ، وهو لا بأس به )) 0ن 0
(2) قلت : هذا لم يذكر له ابن عدي علة سوى التفرد ، فقال عقبه : (( لا أعلم يرويه غير المسيب )) . وقد يخطر في بال البعض أن حديث أم سلمة قد يشهد له ، والجواب : أنه لا يصلح للشهادة لشدة ضعفه ، قال المناوي في (( فيض القدير شرح الجامع الصغير )) :
(( قال البيهقي عقب تخريجه / إسناده ضعيف . أ ه فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب . وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني : فيه عباد بن كثير الثقفي وكان الثقفي وكان كذابا" متعمدا" . هكذا جزم به)).

الصفحة 478