لا يكون صدوقا أبدا ، ... فقفلت ليحيى : ما يبرئه ؟ قال : يخرج كتاباً عتيقا فيه هذه الأحاديث ، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق ، فيكون شبه له وأخطأ كما يخطئ الناس فيرجع عنها )) . فأنت ترى ابن معين لم يجعل ثبوتها في الأصل العتيق دليلاً على ثبوتها عمن رواها صاحب الأصل عنهم ، بل حمله على أنه شبه له وأخطأ في أيام طلبه . إذا تقرر هذا فلعل الأحاديث التي ذكرها ابن عدي عن أحمد بن داود عن أبي مصعب رآها ابن عدي في اصل عتيق لأحمد بن داود فبنى على ذلك دليل ثبتتها عن أبي مصعب ، وهذا الدليل لا يوثق به كما رأيت لكن في البناء عليه عذر ما لابن يخف به تعجب الذهبي غذ يقول : (( هذه أباطيل حاشا مطرفاً من روايتها ، وإنما البلاء من أحمد بن داود فكيف خفي هذا على ابن عدي ؟ ! )) .
بقي حديث مطرف عن عبد الله عمر العمري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رفعه (( من رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً ، لم يصبه ذلك البلاء )) فهذا رواه جماعة عن أبي مصعب وأخرجه الترمذي وقال: (( غريب من هذا الوجه )) وزاد في بعض النسخ (( حسن )) وأخرج قبل ذلك من طريق عمرو ابن دينار مولى آل الزبير عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر – نخوه )) وعمرو بن دينار هذا متكلم فيه وعدوا هذا الحديث فيما أنكر عليه ، وأحسب أن بعض الرواة سمع هذا وسمع حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً : (( من قال إذا أمسى ثلاث مرات : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمة تلك الليلية)) فاشتبه عليه الحديثان فحسب الأول بسند الثاني فرواه كذلك ، وقد يكون هذا الخطأ من مطرف وقد يكون من شيخه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم فإنه لين حتى قال البخاري : (( ذاهب لا أروي عنه شيئا )) فإن كان الخطأ من أبي مصعب فقد يخطئ على عبد الله بن عمر ما لا يخطئ على مالك لمزيد اختصاصه به .
والأثر : (( إن بالعراق الداء العضال )) ثابت في ( الموطأ ) عن مالك ، ومطرف يقول : (( سئل مالك )) فليس هنا مظنة الخطأ ، ومطرف قال فيه أبو حاتم : (( مضطرب الحديث صدوق ))