كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

أن يتوقف فيه ويتثبت ، لأنه كان سيئ الحفظ كثير الغلط )) .
فحده أن لا يحتج به إلا فيما توبع فيه ، وفيما ليس من مظان الخطأ .
254-مؤمل بن إهاب . راجع ( الطليعة ) ص 68 . وحاصل ذلك أن الآستاذ قال في ( التأنيب ) ص 65 : (( ضعفه ابن معين على ما حكاه الخطيب )) فبينت أن الخطيب إنما حكى عن ابن الجنيد قال : (( سئل يحيى بن معين وأنا أسمع عن مؤمل بن إهاب فكأنه ضعفه )) وقد وثقه جماعة فقال الأستاذ في ( الترحيب ) ص 45 : (( فقول القائل – كأنه ضعفه – لا يفرق كثيراً من قوله : ضعفه لكون الحكم على الأحاديث بالصحة والضعف، وعلى الرجال بالثقة والضعف ، في أخبار الآحاد مبنيا على ما يبدو للناظر ، لا على ما في نفس الأمر ، فظهر أن ذلك عبارة عن غلبة الظن فيما لا يقين فيه ، وسبق أن نقلنا عن أحمد في الرمادي : كأنه يغير الألفاظ – وقد بني الذم الشديد باعتبار أن ظن الناظر
ملزم )) .
أقول : ابن الجنيد هنا راو ناظر وباب الرواية اليقين فإن كان قد يكفي الظن فذاك الظن الجازم وآيته أن يجزم الراوي الثقة . فأما قوله : (( أظن )) مثلا ، فإنه يصدق بظن ما وقد قال الله تعالى : [ إن بعض الظن إثم ] فما بالك بقوله : (( فكأنه ضعفه )) وأصل كلمة (( كأن )) للتشبيه ، والتشبيه يستلزم كون المشبه غير المشبه به . فأما معناها الثاني فعبر عنه في مغنى اللبيب بقوله : (( الشك والظن )) فدل ذلك على أنها دون (( اظنه )) . وفي ترجمة الحدسن ابن حجر الأشيب من ( مقدمة الفتح ) مثل هذه الكلمة (( كأنه ضعيف )) فدفعها الحافظ ابن حجر بقوله : (( هذا ظن لا تقوم به حجة )) .
هذا وتردد ابن الجنيد يحتمل وجهين أظهرهما : أن يكون جرى من ابن معين عندما سئل عن مؤمل ما يشعر بأنه لم يعجبه مؤمل . ولا ندري ما الذي جرى منه وما قدر دلالته ؟ على أنهم مما يقولون : (( ضعفه فلان )) مع أن الواقع من فلان تلبين يسير كما تقدمت الإشارة إليه في القاعدة السادسة من قسم القواعد ، فما بالك بقوله : (( فكأنه ضعفه )) ؟ وإنما ينقل أهل العلم أمثال هذه الكلمة لاحتمال أن يوجد تضعيف صريح فيكون مما يعتضد به . فأما هنا فلا يوجد إلا التوثيق ، نعم الثقات يتفاوتون في درجات التثبيت ويظهر أن مؤملاً لم يكن في أعالي

الصفحة 486