كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

عنه ويروي أحاديث منكرة في فضل علي ويقول: ((إني لأسخر بهم)) يعني بالشيعة، راجح ترجمته في (لسان الميزان).
وروى محمد بن شجاع الثلجي الجهمي عن حبان بن هلال أحد الثقات الإثبات عن حماد بن سلمة أحد أئمة السنة عن أبي المهزم (1) عن أبي هريرة مرفوعاً: ((إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ثم خلق نفسه منها)). وفي (الميزان) أن غرض الجهيمة من وضع هذا الحديث أن يستدلوا به على زعمهم أن ما جاء في القرآن من ذكر ((نفس الله)) عز وجل إنما المراد بها بعض مخلوقاته. أقول: ولهم غرضان آخران:
أحدهما: التذرع بذلك إلى الطعن في حماد بن سلمة كما يأتي في ترجمته.
الثاني: التشنيع على أئمة السنة بأنهم يروون الأباطيل والشيعي الذي لا يؤمن أن يكذب في فضائل أهل البيت لا يؤمن أن يكذب في فضائل الصحابة على سبيل التقية، أو ليرى الناس أنه غير متشدد في مذهبه يمهد بذلك ليقبل منه ما يرويه مما يوافق مذهبه.
وعلى كل حال فابن قتيبة على فضله ليس هذا فنه، ولذلك لم يعرج أحد من أئمة الأصول والمصطلح على حكاية قوله ذلك فيما أعلم. والله الموفق.
وفي فتح المغيث) ص 140 عن ابن دقيق العيد ((إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه إخماداً لبدعته وإطفاء لناره وإن لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وصفنا من صدقة وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالتدين وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء ناره)).
ويظهر أن تقييده بقوله: ((وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته)) وإنما مغزاه إذا كان فيه تقوية لبدعته لم تكن هناك مصلحة في نشره بل المصلحة في عدم روايته كما مر، ويتأكد ذلك هنا بأن الفرض أنه تفرد به وذلك يدعو إلى التثبيت فيه، وإذا كان كلام ابن دقيق العيد محتملاً لهذا المعنى احتمالاً ظاهراً فلا يسوخ حمله على مقالة ابن قتيبة التي مر فيها.
وقال ابن حجر في (النخبة وشرحها):
__________
(1) قلت: وهذا متروك كما في (التقريب) ن.

الصفحة 49